responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 172
ويخيل إليه أنه فقد حياته كلها حين فقد بلده وأهله وسعادته، فيلقي نظره على هذه الجبال التي خلفها منذ يومين فإذا هي بعيدة، بعيدة جداً، تبدو له خلال السراب اللامع كأنها صورة الأمل المنير، لا تكاد تظهر ... فيسترجع نظرته اليائسة مغسولة بدموع الندم، ويوغل في جحيم الصحراء، تائهاً، يائساً، يمشي إلى الموت.
* * *
حتى إذا أطفلت [1] الشمس، ثم ضعفت وشحب لونها، ثم أسلمت الروح فلبس الكون كله الحداد، ثم برد الرمل واستحال إلى فراش لين جميل ولاحت في السماء النجوم واضحة قوية ... شعر المعلم الشاب بالراحة فاستلقى على قفاه، يتنفس الصعداء من هول هذا اليوم ويتأمل النجوم، ويبصر امتداد الأرض والسماء من حوله؛ فيعجب من جمال الصحراء وبهائها وينتشي بنسيمها الرخي الناعش وسكونها الشامل وجلالها المهيب، ولا يستطيع أن يتصور كيف كان هذا العالم الجميل الفتان يموج قبل ساعات بأشباح الموت وتهاويل العذاب.
ورجع [2] الليلُ إلى الفتى المعلم حماستَه ونشاطه، وأترع

[1] أطفلت الشمس وطَفَلت طَفْلاً وطُفولاً: مالت للغروب (مجاهد).
[2] رَجَعَ هنا فعل متعد بمعنى أرجع، كما في القرآن: {لئِنْ رَجَعَكَ اللهُ إلى طائِفَةٍ منهم}. وباب فعل وأفعل بمعنى واحد باب في اللغة كبير، وقد وجدت السرقسطي (في معجمه المفرد في بابه، «كتاب الأفعال»)، يبدأ به كل باب فيقول: فَعَل وأفْعَل بمعنى. مثل (مطرت=
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست