responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 158
يطلع لها صبح، فأين - يا تبصر [1] - مكانها من الوجود؟ أفَنِيَتْ وعادت عدماً؟ لا، إن الفناء لا يقوى عليها. إنها موجودة في الكون كوجودها في ذاكرتها. إن الفناء لا يدرك حقيقتها كما أن النسيان لا يقوى على محو صورها. إنها لا تشبع من الإيغال في هذا الماضي لأنها كلما أوغلت فيه جَدّتْ لها طرق ظليلة لا عهد لها بها، قد أزهر فيها المجد وبدا السنا، ورُبىً على كل رابية فراش غرام مرشوش بالعطر والشعر، ووجوه أحبة كانت تعيش بهم ولهم.
ولطالما اجتوَت [2] (من محبتها هذا الماضي) حاضرَها فخامرتها فكرة الموت، فمشت تقصد النهر، حتى إذا أدنتها خطاها الواهنة من مياهه ورأتها تلمع كالمرآة أشفقت من الموت وهابته وارتدت عنه للمرة الخامسة بعد الألف. إنها لا تريد أن تموت ولا تزال متعلقة بحياة قد أقفرت من المجد والحب!
* * *
ولما دلفت إلى مخدعها في الدير سمعت ضجة، وقالوا لها إنه الأمير، المغيرة بن شعبة، يستأذن عليك.
الأمير؟ ما لها وللأمير؟ ما شأنه بها؟ ما يبتغي لديها؟ أما

[1] إذا جاز أن نقول: «يا ترى» فلمَ لا نقول: «يا تبصر»، فننجو من هذا الابتذال ونأتي بجديد؟ والإعراب في كليهما واحد، فقدِّرْ لـ «يا» منادىً وخاطِبْه.
[2] اجتوى الشيء واستجواه: كرهه (مجاهد).
اسم الکتاب : قصص من التاريخ المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست