responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معالم الطريق إلى الله المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 127
شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر. فمعنى الباطن هنا أي القريب من خلقه المحيط بهم علما، فهو يعلم السر وأخفى. قال سبحانه: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ. [الواقعة:85]. وقال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. [قّ:16].
وقيل في معنى الباطن: هو المحتجب عن خلقه عن أبصارهم وأوهامهم، وقيل: هو العالم بما يبطن، يقال: بطنت الأمر إذا عرفت باطنه. وانظر تفسير ابن عطية وشرح السندي على ابن ماجه.
ولا يسوغ وصف الله بأنه تحتنا مقابلة للباطن بالظاهر، لأن السفول نقص هو منزه عنه، والله تعالى وصف بالعلو دون السفول، فإنه سبحانه العلي الأعلى لا يكون قط إلا عاليا.
فقد قال ابن القيم في الصواعق المرسلة: قد ثبت بصريح العقل أن الأمرين المتقابلين إذا كان أحدهما صفة كمال والآخر صفة نقص فإن الله سبحانه يوصف بالكمال منهما دون النقص، ولهذا لما تقابل الموت والحياة وصف بالحياة دون الموت، ولما تقابل العلم والجهل وصف بالعلم دون الجهل، وكذلك العجز والقدرة والكلام والخرس والبصر والعمى والسمع والصمم، والغنى والفقر. ولما تقابلت المباينة للعالم والمداخلة له وصف بالمباينة دون المداخلة، وإذا كانت المباينة تستلزم علوه على العالم أو سفوله عنه وتقابل العلو والسفول وصف بالعلو دون السفول، وإذا كان مباينا للعالم كان من لوازم مباينته أن يكون فوق العالم، ولما كان العلو صفة كمال كان ذلك من لوازم ذاته فلا يكون مع وجود العالم إلا عاليا عليه ضرورة، ولا يكون سبحانه إلا فوق المخلوقات كلها. 000اهـ
وقال في طريق الهجرتين في كلامه على الباطن: وباب هذه المعرفة والتعبد هو معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السموات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد. قال تعالى: وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس. وقال: والله من ورآئهم محيط. ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين الدالين على هذين المعنيين اسم العلو الدال على أنه الظاهر وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة وأنه لا شيء دونه كما قال تعالى: وهو العلي العظيم. وقال تعالى: وهو العلي الكبير. وقال: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم. وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء بل ظهر على كل

اسم الکتاب : معالم الطريق إلى الله المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 127
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست