responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معالم الطريق إلى الله المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 123
تبين أنه على هذا التقدير في الخالق وعلى هذا التقدير في العرش لا يلزم شيء من المحذور والتناقض، وهذا يزيل كل شبهة، وإنما تنشأ الشبهة في اعتقادين فاسدين:
أحدهما: أن يظن أن العرش إذا كان كريا والله فوقه وجب أن يكون الله كريا، ثم يعتقد أنه إذا كان كريا فيصح التوجه إلى ما هو كري ـ كالفلك التاسع ـ من جميع الجهات، وكل من هذين الاعتقادين خطأ وضلال، فإن الله مع كونه فوق العرش ومع القول بأن العرش كري ـ سواء كان هو التاسع أو غيره ـ لا يجوز أن يظن أنه مشابه للأفلاك في أشكالها، كما لا يجوز أن يظن أنه مشابه لها في أقدارها ولا في صفاتها ـ سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ـ بل قد تبين أنه أعظم وأكبر من أن تكون المخلوقات عنده بمنزلة داخل الفلك في الفلك، وإنها عنده أصغر من الحمصة والفلفلة ونحو ذلك في يد أحدنا، فإذا كانت الحمصة أو الفلفلة، بل الدرهم والدينار أو الكرة التي يلعب بها الصبيان ونحو ذلك في يد الإنسان أو تحته أو نحو ذلك، هل يتصور عاقل إذا استشعر علو الإنسان على ذلك وإحاطته به أن يكون الإنسان كالفلك؟ والله ـ ولله المثل الأعلى ـ أعظم من أن يظن ذلك به، وإنما يظنه الذين: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}.
وكذلك اعتقادهم الثاني: وهو أن ما كان فلكا فإنه يصح التوجه إليه من الجهات الست خطأ باتفاق أهل العقل الذين يعلمون الهيئة، وأهل العقل الذين يعلمون أن القصد الجازم يوجب فعل المقصود بحسب الإمكان، فقد تبين أن كل واحد من المقدمتين خطأ في العقل والشرع، وأنه لا يجوز أن تتوجه القلوب إليه إلا إلى العلو لا إلى غيره من الجهات على كل تقدير يفرض من التقديرات ـ سواء كان العرش هو الفلك التاسع أو غيره، سواء كان محيطا بالفلك كري الشكل أو كان فوقه من غير أن يكون كريا سواء كان الخالق - سبحانه - محيطا بالمخلوقات كما يحيط بها في قبضته، أو كان فوقها من جهة العلو منا التي تلي رءوسنا دون الجهة الأخرى، فعلى أي تقدير فرض كان كل من مقدمتي السؤال باطلة وكان الله تعالى إذا دعوناه إنما ندعوه بقصد العلو دون غيره، كما فطرنا على ذلك. هـ.
وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة: إنه إذا كان سبحانه مباينا للعالم فإما أن يكون محيطا به أو لا يكون محيطا به، فإن كان محيطا به لزم علوه عليه ـ قطعاً ـ ضرورة علو المحيط على المحاط به، ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها، ولما كان الكرسي محيطا بالسماوات كان عاليا عليها، ولما كان العرش محيطا بالكرسي كان عاليا، فما كان محيطا بجميع ذلك كان عاليا عليه

اسم الکتاب : معالم الطريق إلى الله المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست