responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من حديث النفس المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 99
على أبواب الثلاثين
نشرت أول سنة 1939

نظرت اليوم في سجل ميلادي فوجدتني على أبواب الثلاثين، فتركت عملي وجلست أفكر: ماذا بقي لي من هذه السنين الثلاثين يا أسفى؟ لم يبقَ إلاّ ذكريات واهية تحتويها بقية قلب تناثرت أشلاؤه على سفوح قاسيون في دمشق، ومسارب الأعظمية في بغداد، وغابات الصنوبر في لبنان ... أي والله، وعلى طريق الأهرام في مصر، وضفاف «الشط» في البصرة، وحوائط النخيل في يثرب ... أشلاء من قلبي وأشلاء. فماذا أفدت من عمري الضائع وشبابي الآفل؟ لا شيء! لا مجد ولا مال ولا بنين. لم أفد إلاّ اسماً مشى في البلاد فحمل قسطه من المدح والذم والتمجيد والشتم، ولكني كنت في معزل عن هذا كله فلم ينلني منه شيء. إن اسمي ليس مني؛ إنه مخلوق من حروف، ولكني إنسان من لحم ودم. فهل تشبعني الشهرة، أو يكسوني الثناء؟ ولم أملك إلاّ قلباً أحبَّ كثيراً وأخلص طويلاً، ولكنه سقط كَلِيماً على عتبات الحب والإخلاص، ورأساً حشوته بما وجدت من العلوم والمعارف، فأثقلته علومه عن التقدم فاحتلت مكانَه الرؤوسُ الخفيفة الفارغة!

اسم الکتاب : من حديث النفس المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست