responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من حديث النفس المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 37
واستقم تبلغ غايتك». فسرت قُدماً فاصطدمت بأول جدار لقيته فشج رأسي وقعدت مكاني، واستدار غيري والتوى كما تستدير طرق الحياة وتلتوي فوصل.
قالت الكتب: «كن فاضلاً واحرص على مكارم الأخلاق فهي السبيل». فوجدت أهل الرذيلة هم الذين يصلون، ورأيت أسفل الناس أخلاقاً صار أستاذاً للأخلاق في أكبر مدرسة، فعجبت من سخر [1] الحياة!
وقالت الكتب: «الحق»، وقالت الحياة: «القوة» ... وقالت الكتب: «الفضائل»، وقالت الحياة: «الشهوات». وقالت الكتب ... ولكن لم يكن إلاّ ما قالت الحياة!
ونظرت إلى شارع الرشيد فإذا السيارات من كل جنس ولون، والعربات من كل شكل ونوع، والدراجات والعجلات، كلها يعدو يريد أن يصل أولاً، وكلها يزأر ويصيح ويهدد، ولكنها إذا بلغت الغاية رأت أنها لم تصل إلى شيء فعادت أدراجها تزاحم وتعدو وتصيح!
فقلت: كذلك الحياة؛ سباق وتزاحم، ولكن ما هي الغاية؟
لا شيء!
* * *

[1] ليست مضبوطة في الأصل، ويمكن أن تكون «سُخْراً» أو «سَخْراً» أو «سَخَراً»، وكلها من مصادر الفعل «سخِر»، ومثلها «السُّخريَة» (مجاهد).
اسم الکتاب : من حديث النفس المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست