responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من حديث النفس المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 107
مدامعه ... ويقبل على العمل بهمة عجيبة ورغبة قوية، فيطالع ويكتب، ويعمل كآلة دائبة الحركة لا يأخذه ضعف ولا خور، ثم يشعر فجأة بكراهية العمل والنفور من المطالعة الجدية والعزوف عن الكتابة والتأليف، ويستولي عليه كسل عقلي عجيب لا يطيق معه عملاً من الأعمال!
* * *
كان يعمل في مدرسة ابتدائية، نزلوا به إليها، فلا يكلّفه العمل فيها جهداً ولا مشقّة ولا يشغل من تفكيره شيئاً؛ فكان يستمتع بوقته ونفسه كما يشاء، ويشتغل بالأدب للّذة والمتعة الفنّية، فيقرأ ما طابت له القراءة، ويكتب ما رغب في الكتابة، ويؤلف ما مال إلى التأليف. فكره هذه الحياة وَهوي الحياة العقلية المنظمة التي تضطره إلى نوع من الدرس بعينه، وتجبره على نوع من الكتابة بذاتها.
كان يعيش في أسرة رفرف عليها الحبّ وسادها الإخلاص وأسبغ عليها ثوب السعادة، بين إخوة له ما رأى الراؤون مثلهم في ذكائهم واستقامتهم وطاعتهم إياه وحبّهم له وحرصهم على رضاه، وصحابة له ما فيهم إلاّ أريب طيب النفس صادق الودّ صافي السريرة حسن السيرة، وكان له في بلده منزلة يحسده عليها من هو أكبر منه سناً وجاهاً وأكثر علماً ومالاً، فملَّ هذه الحياة ومال إلى الهجرة وانتجاع أفق جديد، فأزمع السفر إلى بغداد، تاركاً عمله في وزارة معارف الشام، عاصياً الناصحين والناهين من الأهل والأصحاب.

اسم الکتاب : من حديث النفس المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست