responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منطلقات طالب العلم المؤلف : محمد حسين يعقوب    الجزء : 1  صفحة : 293
أكبرُ المزالقِ التي تَزِل فيها أقدامُ بعضِ طلبةِ العلمِ أنه إذا تبين له خطأ شيخِه انحطَّ قدرُه في قلبِه، ويبدأ في الجرأةِ عليه، ولربَّما نال منه في غيبتِه، لا سيمَّا في المسائلِ التي تُسَمَّى بالطبوليات، لأن زلةَ العالمِ مضروبٌ لها الطَّبلُ.
وهدي السَّلفِ على خلافِ ذلك، فالشأنُ حينئذٍ أن تلتمسَ للعالمِ العُذْرَ، واضربْ لخطئه ألفَ "لَعَلَّ"، فإنها المأمنُ من الوقيعةِ في أهلِ العلمِ.
ولله دَرُّ الإمامِ الذهبي عليه رحَمات اللهِ وبركاته؛ فقد ضربَ لنا مئاتِ الأمثلةِ على حسنِ الخلق وكيفية التعاملِ مع أخطاءِ العلماءِ والردِّ عليها في كتابهِ القيم "سيرُ أعلام النبلاءِ" ومن ذلك هذا الموقفُ الطيبُ حين ساقَ خبرًا: أَنَّ وكيعًا -رحمه الله- كان يصومُ في الحضرِ والسفرِ ويختمُ القرآنَ كلَّ ليلةٍ فقال معلقًا:
"قلتُ: هذه عبادة يخضعُ لها، ولكنها من مثلِ إمامٍ من الأئمةِ الأثَرية مفضولَة، فقد صحَّ نهيُه عليه السلام عن صومِ الدَّهر، وصحَّ أنه نهى أن يُقرأَ القرآنُ في أقلَّ من ثلاث، والدِّين يُسْرٌ، ومتابعةُ السُّنَّةِ أولى، فرضيَ الله عن وكيع، وأينَ مثلُ وكيع؟ ومعَ هذا فكان مُلازِمًا لشُربِ نبيذِ الكوفة الذي يُسْكِرُ الإكثارُ منه فكان مُتأَوِّلًا في شُربه، ولو تركه تورُّعًا، لكان أولى به، فإنَّ مَنْ تَوَقَى الشُبهات، فقد استبرأَ لدِينِهِ وعِرْضِه".
أمَّا إذا كان الخطأ لم يحدثْ، وتناقل الأحداثُ مثلَ هذه الأباطيلِ، فهذا يدلُّ على سوءِ الطَّوِيَّةِ، وجَهْلٍ بقدرِ العلماءِ، إذ التثبتُ أولُ خصالِ أولي العلمِ.

اسم الکتاب : منطلقات طالب العلم المؤلف : محمد حسين يعقوب    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست