اسم الکتاب : مواعظ الصحابة لعمر المقبل المؤلف : عمر المقبل الجزء : 1 صفحة : 31
فإذا حانت فرصةٌ للتعبُّد، والإكثار من أبواب الخير، فلا تحسن الأناة هنا، بل تذمُّ؛ فإنَّ الله تعالى يقول في أكثر من آيةٍ: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148].
ومن الصور التي ذكرها العلماء أنَّ الأناة فيها مذمومةٌ: التوبة، وقضاء الدَّين، وإكرام الضيف، وتجهيز الميت؛ فهي من الأمور التي تستحبُّ فيها المبادرة والاستعجال في تنفيذها على الوجه الشرعيِّ.
وممَّا يلحق بذلك: محاسبة النفس، فلا ينبغي للراجي ربَّه والآخرة أن يتوانى في محاسبتها، بل يبادر، كما قال الفاروق - رضي الله عنه -: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا؛ فإنَّ أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم، وتزيَّنوا للعرض الأكبر، يوم تعرضون لا تخفى منكم خافيةٌ!» [1].
كم قرع المتأنُّون في شأن الآخرة سنَّ الندم! وها هو القرآن يعبِّر عن هذه الصورة في مواضع كثيرةٍ؛ كقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} إلى قوله سبحانه: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 53 - 56].
• وقال الفاروق - رضي الله عنه - ([2]):
«ما أبالي على أيِّ حالٍ أصبحت! على ما أحبُّ، أم على ما أكره؛ ذلك بأنِّي لا أدري الخيرة فيما أحبُّ أم فيما أكره». [1] الزهد؛ لأحمد بن حنبل (ص99). [2] الزهد؛ لأبي داود (ص108).
اسم الکتاب : مواعظ الصحابة لعمر المقبل المؤلف : عمر المقبل الجزء : 1 صفحة : 31