اسم الکتاب : موسوعة الأخلاق المؤلف : الخراز، خالد الجزء : 1 صفحة : 93
ومنها: أنَّ العاقل اللبيب إذا تفكر فيها، ورأى تقلب الدنيا بأهلها، وتَتَابُعَ نكباتها إلى أعيان قاطنيها، وأنها سلبت نفوسهم وذخائرهم، وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم، فلم تُبقِ على جليل ولا حقير، ولم يسلم من نكدها غني ولا فقير، زهد فيها وأعرض عنها، وأقبل على التزود للآخرة منها، ورغب في دار تنزهت عن هذه الخصائص، وسلم أهلُها من هذه النقائص.
ومنها: التخلّق بالصبر والتأسّي، وهما من محاسن الأخلاق، فإنَّ العاقل إذا رأى أن مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرَّم، ولا ملك معظم، بل ولا واحدٌ من البشر، علم أنه يصيبه ما أصابهم، وينوبه ما نابهم.
وهل أنا إلا من غَزِية إن غوت ... غويتُ وإن تَرشُد غزيةُ أرشدِ
ولهذه الحكمة وردت القصص في القرآن المجيد {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)} [ق: 37] فإن ظن هذا القائل أن الله سبحانه أراد بذكرها الحكايات والأسمار، فقد تمسك من أقوال الزيغ بمحكم سببها، حيث قالوا: "هذه أساطير الأولين اكتتبها" اهـ [1].
قلت: وَوَراء هذهِ الوسائل من تصحيح الأخلاق: وسائل أخرى ولكن فيما تقدم ما يكفي ويهدي، والله الهادي للصواب.
...
(1) "الكامل في التاريخ" (14).
اسم الکتاب : موسوعة الأخلاق المؤلف : الخراز، خالد الجزء : 1 صفحة : 93