اسم الکتاب : موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق المؤلف : ياسر عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 115
مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] فسمعت للرجل صياحا شديدا واضطرابا فوقفت حتى انقطع صوته ومشيت.
فلما أصبحت أتيت إلى دار الرجل فوجدته قد مات والناس في تجهيزه، وعجوز تبكي، فسألت عنها فقيل: هي أمه، فقمت إليها وسألتها عن حاله، فقالت: كان يصوم النهار ويقوم الليل ويكتسب الحلال فيقسم كسبه ثلاثا: ثلثًا لنفقته، وثلثًا لنفقتي، وثلثًا يتصدق به، فقلما كان البارحة مر إنسان، وهو يقرأ فسمع آية من القرآن ففارق الدنيا [1].
خوف شديد
قرأ عمر بن عبد العزيز بالناس ذات ليلة: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: [1]] فلما بلغ {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)} [الليل:[1] - 14] خنقته العبرة فلم يستطع أن ينفدها فتركها، وقرأ سورة غيرها.
وقرأ ذات ليلة: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13] فبكى عمر حتى غلبه البكاء، وعلا نشيجه، فقام من مجلسه، فدخل بيته وتفرق الناس.
وقرأ ذات ليلة قوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] فبكى بكاء شديدا حتى سمعه أهل الدار، فجاءت فاطمة، فجلست تبكي لبكائه، وبكى أهل الدار لبكائهما، فجاء ابنه عبد الملك وهو على هذا الحال، فقال: يا أبت ما يبكيك؟
قال: خير يا بني، ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه، والله يا بني، لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني، لقد خشيت أن أكون من أهل النار.
أعظم آية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فآتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فآخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله، قال: إني محتاج، وعلي عيال، وبي حاجة شديدة، فخليت عنه، فأصبحت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ " فقلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله، فقال: "أما إنه قد كذبك وسيعود"، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرصدته، فجاء يحثو [1] خير القرون (2/ 242 - 243).
اسم الکتاب : موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق المؤلف : ياسر عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 115