فسبحان مالك الملك، وسبحان من نواصي الخلائق كلها بيده يفعل بها ما يشاء: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)} [الرعد: 2].
وإذا جاءت مصيبة على الإنسان فحلها بيد الإنسان بأن يمتثل أوامر الله على طريقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا غير ما في قلبه وجاء عنده اليقين على ربه غير الله بدنه وحاله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
وإذا جاءت علينا أحوال شديدة نشكوها أمام الخالق وحده، ونتضرع إليه في كشفها، ولا نذكرها أمام المخلوق العاجز الضعيف، بل نشكو أحوالنا فقط إلى الله، ونفعل الأسباب التي أمر الله بها في حدود الاستطاعة.
فالله أعطانا بمنه وكرمه الإيمان والأعمال، لجميع الأحوال، فإذا قمنا بالأعمال التي يرضى الله بها أصلح الله الأحوال بقدرته.
كما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في بدر النصر على الكفار، فنصره الله بقدرته، ولم يتوجه إلى الفرس ولا إلى الروم، ولا لبشر ولا لسبب، بل توجه إلى الناصر الذي يملك النصر وحده كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)} [آل عمران: 123].
وإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لما دعا قومه إلى الإيمان فأبوا وأرادوا إحراقه بالنار توجه إلى ربه في طلب النجاة، ولم يتوجه لأحد سواه، فأنجاه الله وخذلهم كما قال سبحانه: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)} [الأنبياء: 68 - 70].
ونوح - صلى الله عليه وسلم - لما دعا قومه إلى الإسلام فأبوا واستكبروا، وعادوه، دعا عليه ربه فأغرقهم بالماء، وأنجاه ومن آمن معه كما قال سبحانه: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)} [القمر: 10 - 15].
وقال سبحانه: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ