الحكم الثاني والعشرون
كل ذكر جاء مطلقًا في الكتاب والسنة فلا يجوز تقيده بزمان أو مكان أو حال؛ إلا بدليل، بل يعمل به بإطلاق؛ كما جاء بإطلاق والتقييد له موقوف على ثبوت الخبر، وإلا كان ضربًا من ضروب البدع.
مثاله: الأمر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] فلو ذهب ذاهب إلى تقييد ذلك عند وضوئه، أو عند أكله لكان ذلك ممنوعًا، ولو التزمه عند دخول المسجد وخروجه منه لكان ذلك مشروعًا لثبوت الخبر وقس على ذلك سائر الأذكار.
قال الشاطبي في الاعتصام [1] ما نصه: وبيان ذلك أن الدليل الشرعي إذا اقتضى أمرا في الجملة مما يتعلق بالعبادات مثلًا، فأتى به المكلف في الجملة أيضًا؛ كذكر الله والدعاء والنوافل المستحبات وما أشبهها مما يعلم من الشارع فيها التوسعة؛ كان الدليل عاضدًا لعلمه من جهتين: من جهة معناه، ومن جهة عمل السلف الصالح به. [1] الاعتصام 1/ 318.