responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 224
وإذا تردد أو أجّل أو أبى، فهل يكون عاقلاً أم يكون مجنوناً حقّه سكنى المارستان؟
لا، لا تقولوا «مجنون» لئلا نكون جميعاً مجانين؛ ذلك أن علينا من حقوق الله التي قصّرنا فيها أكثر مما على المقصّر في أداء الضرائب من حقوق الخزانة، وإن كانت عاقبةُ ذاك خسارةَ ماله فعاقبةُ المقصّر في حق الله خسارة نفسه وخسارة سعادته الدائمة في آخرته.
وإن أجرم المجرم في الدنيا فلاحقته الشرطة فهرب أو اختفى أو قُبض عليه فأودع السجن، فإننا قد اجترمنا مع الله جرائم لا نستطيع أن نهرب بها منه. وأين المهرب والكون كله ملكه والسماوات والأرض له؟ هل من إله غيره نلجأ إليه كما يهرب اللاجئ السياسي من دولة إلى دولة؟ لا إله إلا هو. ولا نستطيع أن نختفي منه. وأين نختفي وهو معنا أينما كنا يسمعنا ويرانا؟
وليست عقوبة الله سجناً نأكل فيه ونشرب وننام، وإن اشتد علينا الأمر نشتغل ونتعب. لا؛ بل إن للمجرمين ناراً وَقودها الناس والحجارة: {إذَا أُلْقُوا فيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهيقاً وَهِيَ تَفورُ}، {وَإذا أُلْقُوا مِنْهَا مَكاناً ضَيِّقَاً مُقَرَّنينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبوراً}، {لا يُقضَى عَلَيْهِم فَيَموتوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِنْ عَذَابِها}، {لَهُمْ مِن فَوْقِهِم ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِن تَحْتِهِم ظُلَل}، {هذِه جَهَنَّمُ التي يُكَذِّبُ بِها المُجْرِمون}، {إنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصَاداً، لِلطّاغينَ مَآباً، لابِثينَ فيها أحْقَاباً، لا يَذوقونَ فيها بَرْداً ولا شَراباً، إلاّ حَميماً وَغَسّاقاً}.
فإذا صدر قانون بأن هذا المؤمن المقصّر في حقوق الله،

اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست