اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 69
الخطب، فاسدد أبواب الشيطان، وقدر المصالح والمفاسد.
وفي سنن أبي داود حديث بهذا المعنى، فقد ورد أن رجلًا وقع بأبي بكر فآذاه - بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما آذاه الثالثة انتصر منه أبو بكر، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين انتصر أبو بكر، (فقال أبو بكر: أوجدتَ عليَّ يا رسول الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان» [1].
قال الخطابي في شرح الحديث: (إنما وقع الشيطان حين انتصر أبو بكر؛ لأن انتصاره يغري صاحبه - سيما وقد بدا الشر منه بتكرير الإساءة - بالتزيد والتمادي، فيكون ذلك سببًا في تفاقم الخطب) [2].
والمغلوب على أمره يتأسى بنوح عليه السلام حينما عجز عن قومه: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} [القمر: 10] أما القادر على الانتصار - بقيوده وشروطه الشرعية) [3] - فلا عذر له في الخنوع والاستكانة للظالمين.
فأما قوله تعالى {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43]، فقد قال فيه القرطبي: (هو محمول على الغفران عن غير المصرِّ، فأما المصرُّ على البغي والظلم فالأفضل الانتصار منه) [4]، وأما كظم الغيظ، فمستحسن ومندوب إليه بعد التمكن من الظالم [1] صحيح سنن أبي داود للألباني - كتاب الأدب - باب 49 - الحديث 4094/ 4896 (حسن). [2] شرح سنن أبي داود (معالم السنن للخطابي 5/ 204). [3] من القيود والضوابط التي أشير إليها في الانتصار من الظالم المسلم: - أن يكون العفو عنه يجرؤه - أو أن يكون مسترسلًا في ظلمه ومصرًا عليه - كما أن من قيود المنتصر ألا يتعدى بأكثر مما ظلم - وألا يؤدي انتصاره إلى شر أكبر من المظلمة بحسب توقعه وراجح ظنه. [4] تفسير القرطبي 16/ 39.
اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 69