اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 413
حتى أهل البادية كانوا يقدمون من باديتهم ابتغاء الاستزادة مما ينفعهم، يقول أبو جريٍّ الهجيمي: «يا رسول الله! إنا قوم من أهل البادية، فعلِّمنا شيئًا ينفعنا الله تبارك وتعالى به»، «قال: لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تفرغ من دلوك في إِناء المستسقي ..» [1].
ولم يكن همُّ الدنيا ليغلب همَّ الآخرة، فقد خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار مرة: «والله لا تسألوني اليوم شيئًا إِلا أعطيتكموه، ولا أسأل الله لكم شيئًا إِلا أعطانيه» فماذا طلبوا؟ قال بعضهم لبعض: «اغتنموها واطلبوا المغفرة» [2] فالحرص على الانتفاع بالعُمر في الدنيا إِنما ثمرته الانتفاع في الآخرة بتحصيل المغفرة والنجاة، وقد وعى الصحابة ذلك فحرَصوا عليه، وسعوا إِليه.
بل إن الصلاة التي لا يكون من ثمرتها أنها تَنْهَى صاحبها عن الفحشاء والمنكر؛ يستعيذ منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها لم تُحقِّق غرض الانتفاع: «اللَّهم إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع» [3]، ومن أدق الصور المُنَمِّية لخلق الانتفاع ما ورد عند أحمد والنسائي: «مَن قتل عصفورًا عبثًا عجَّ إلى الله عز وجل يوم القيامة؛ يقول: يارب إن فلانًا قتلني [1] مسند أحمد 5/ 63، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1352: (وهذا إِسناد صحيح رجاله رجال الشيخين غير عقيل بن طلحة وهو ثقة ..). [2] مسند أحمد 3/ 139، وفي الفتح الرباني 22/ 172 في مناقب الأنصار، قال في تخريجه: (أخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإِسناد ... قلتُ: وأقره الذهبي ..). [3] صحيح سنن أبي داود للألباني - الصلاة - باب 367 - الحديث 1370/ 1549 صحيح.
اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 413