اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 13
قد يُحدِث بينهم نوعًا من التقارب الفكري في أجواء الحوار الهادئ والتعامل المهذَّب والاحترام المتبادل إذا وجدت الأخلاق، وإن أصحاب الفكر الواحد قد يتقاذفون الاتهامات ويَفْجُرون في الخصومات، ويشقون الصفوف، وتحركهم الأهواء إذا ضعفت فيهم الأخلاق، فالخلق الفاضل يجمعهم على ما بينهم من اختلاف، وسوء الخلق يُفرِّقهم على ما بينهم من وحدة فكرية.
لقد ملك المسلمون في قرونهم الأولى - قرون الخير - أعلى مستوى من التربية الأخلاقية، وكان الناس يدخلون في هذا الدين أفواجًا لِما يرون من حسن المعاملة وجميل الأخلاق أكثر مما كانوا يدخلونه بالمناظرات الكلامية والمنطق السديد في العرض.
كانوا يملكون من القدوة أكثر مما يملكون من قوة البيان، وخاصة في دعوة العجم؛ حيث لم يكونوا يملكون مزيد بيان، واستطاع ذلك الجيل أن يُدخل الناسَ في دين الله قبل أن يعرف منطق أرسطو والفلسفة اليونانية، وبعد أن دخلت إليه الفلسفة وعلم الكلام بدأت تضمُرُ التربية الأخلاقية، وبدأت تتنامى على حسابِها العلومُ العقلية.
إذا تحدَّثنا عن الأفكار تتعدد المواقف بتعدد المشارب.
وإن تحدثنا في قضية فقهية تجاذبتنا الخلافات المذهبية واختلفنا أكثر في الراجح والمرجوح، والمعتبر وغير المعتبر.
وإن حاولنا أن نتحدث في العقيدة لا يخلو الأمر من الفرق والملل والنِّحل، التفسيق والتبديع والتكفير.
أما إذا تحدثنا في الأخلاق، فالحسن منها تكاد تجمع على حسنه العقول البشرية، كما تجمع على قبح القبيح منها، وتضيق دائرة الخلاف حولها بين المؤمنين وحتى مع غير
اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 13