اسم الکتاب : هكذا علمتني الحياة المؤلف : السباعي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 357
يستغل سواه هذه الحرب لو نجحت، ولا أنسى - ومن واجبي أن أذكر هذه الحقيقة ليذكرها أحفادنا من بعد - إننا حين كنا في القدس وأحسسنا بخطر سقوطها في أيدي الأعداء، وبدأنا نرسل صرخات الاستغاثة، وكان مما قاله لنا بعض الرؤساء الكبار في الجامعة: لا تهتموا بسقوطها فسنستردها نحن وإخواننا! .. ولما أوشكت القدس أن تسقط في أيدي الأعداء في إحدى المعارك الضارية، وأخذنا نستنجد برؤساء الجامعة في الليل .. كان الجواب من أحد رؤسائها الكبار: إذا كنتم تشعرون بالخطر فانسحبوا منها! قلنا: ولكنها القدس! وفيها أربعون ألف لاجئ، ولو انسحبنا منها لتمت أفظع مجزرة في التاريخ؟! فكان الجواب .. ولكنكم عندنا أغلى! .. وأقسم لكم أننا لو أصغينا يومئذ إلى تلك النصائح الغالية! لرأى العالم اليوم أعمدة هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى وكنيسة القيامة!.
ازدراء قوى العرب
ب - ... النظر إلى إمكانيات العرب وقواهم نظرة ضعف وازدراء، وإلى إمكانيات غيرهم نظرة قوة وإكبار، وعلى هذا الأساس كانت توجيهات الدول الاستعمارية تلقى آذاناً صاغية في دوائر الجامعة ويستجاب لها بدون إبطاء، وكان العذر في أنفسهم دائماً: إننا ضعفاء لا نستطيع أن نقف في وجوه أولئك الأقوياء .. وليس أمر الاستجابة إلى طلب الهدنة الأولى إلا مثلاً لازدراء قادة العرب بقوى أمتهم وشعوبهم، واعترافهم في قرارة أنفسهم بأنهم لا يستطيعون أن يبدوا حراكاً تجاه رغبات
اسم الکتاب : هكذا علمتني الحياة المؤلف : السباعي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 357