responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم المؤلف : مجدي الهلالي    الجزء : 1  صفحة : 18
ولكي نصل إلى هذه الدرجة لابد من كثرة عرض المعلومات عن الله عز وجل على العقل بأساليب مختلفة حتى لا يألفها فتنتقل تلك المعلومات من منطقة الشعور إلى منطقة اللاشعور أو (العقل الباطن)، ومن ثم تشكل بمرور الوقت جزءًا من اليقين [1].

مستهدف التربية المعرفية:
بعد أن تعرفنا على الوظيفة الأساسية للعقل، والحكمة من خلقه يمكننا القول بأن هدف التربية المعرفية هو: إنماء العقل وتوسيع مداركه، وفتح نوافذه، وإكسابه التلقائية في التفكير في كل شيء يحدث حوله والاعتبار به، والتعرف من خلاله على الله عز وجل وعلى حتمية العودة إليه "أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَّكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ" [الأعراف: 185].
أو بعبارة أخرى:
المطلوب من المسلم إنماء عقله من خلال تحصيل العلم الراسخ النافع بالله عز وجل والذي يؤدي إلى تحسين المعاملة معه -سبحانه-، وأي علم آخر يريد أن يتعلمه الإنسان ينبغي أن يتم الدخول إليه من هذا الباب .. «باب التوحيد» "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ" [محمد: 19].
* * *

المحور الثاني
القلب والتربية الإيمانية
يحكي أحد الأصدقاء أنه في يوم من الأيام استقل سيارة (أجرة)، وفي الطريق بدأ يتجاذب أطراف الحديث مع سائقها الشاب، وتطرق حديثه معه عن الصلاة ثم سأله: هل تواظب على أداء الصلاة؟! فكانت إجابته بالنفي، وما إن بدأ صاحبنا يحدثه عن الله عز وجل وعن نعمه المتوالية علينا وأن شكر هذه النعم يستوجب طاعته و ... ، إذا بالسائق يقاطعه بحديث عظيم عن الله عز وجل ونعمه السابغة، وقيوميته، وحفظه، وأنه لولا الله ما أبصر أو سمع أو تكلم أو تحرك .. ، واستمر السائق في حديثه عن الله حتى وصل صاحبنا إلى المكان الذي يريده، وهبط من السيارة وهو يسأل نفسه: إن كان هذا الرجل يعرف عن الله عز وجل كل هذه المعرفة فلماذا لم ينعكس أثر هذه المعرفة على سلوكه فيطيع ربه ويحافظ على أداء الصلاة؟!
الإجابة عن هذا السؤال تستدعي التعرف على الفارق بين العقل والقلب ..

مركز الإرادة:
لو كان العقل هو الذي يحرك الإنسان، لكانت المعرفة العقلية وحدها تكفي كدافع للسلوك إلا أن الأمر ليس كذلك، فمع أهمية المعرفة وضرورتها كبوابة أساسية لتحقيق العبودية ومن ثم الاستقامة؛ إلا أنها لا تكفي لتغيير السلوك .. لماذا؟!
لأن الذي يصدر الأوامر بالحركة الإرادية داخل الإنسان هو القلب وليس العقل.

[1] أي معلومة يتلقاها الإنسان من خلال سمعه أو بصره أو حواسه المختلفة تذهب إلى جزء في العقل يسمى (العقل المدرك) أو (الشعور)، فإذا قبلها العقل المدرك انتقلت إلى الجزء الآخر من العقل وهو (الغير مدرك) أو (اللاشعور)، والذي يشكل منطقة العلم الراسخ، أو اليقين، أو المعتقدات، سواء كانت صحيحة أو فاسدة، ولكي يستقر مدلول المعلومة في منطقة اللاشعور لابد من تكرار مرورها على العقل المدرك مرات ومرات فيمررها إلى (اللاشعور) حتى تستقر فيه .. مثال: تعلم قيادة السيارة: في البداية يتم تحصيل المعلومات بالعقل المدرك، واستخدامها به كذلك وهذا يظهر من خلال تركيز السائق الشديد في القيادة وعدم التجاوب مع أي أحداث تحدث حوله، وبعد تكرار وتكرار مرور معلومات القيادة إلى العقل غير المدرك يحدث استقرار لمدلولها فيه، ومن ثم يمكن للسائق أن يقود السيارة بلا تفكير، بل إنه يمكنه الحديث مع من حوله وهو يقود السيارة، ومثال آخر: تعلم أحكام التجويد وممارستها: في البداية يكون بالعقل المدرك وبعد ذلك يكون بالعقل غير المدرك، وينطق القارئ الآيات بترتيل دون تفكير في مواضع أحكام التجويد.
اسم الکتاب : التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم المؤلف : مجدي الهلالي    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست