responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القصص القرآني المؤلف : برهامي، ياسر    الجزء : 1  صفحة : 5
الله العزيز الحميد
قال الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج:8] تأمل هذه الصفات المذكورة في هذه الآيات القرآنية، فالله العزيز الذي قهر عباده، هو غالب على أمره، وهو عز وجل لا يمانع ولا مرام لجنابه، ولا ينال جنابه وعظمته، بل لا يقدر الخلق أن يتطلعوا إلى أن يكون لهم الملك والعز والسلطان في هذا الكون، فأقصى شيء أن يحاول الإنسان أن يثبت ملكه على قطعة من الأرض، وربما يتسع طمعه فتتسع تلك الرقعة معه، ولكنه يبهت دائماً إذا قيل له: أتملك الشمس؟! أتملك القمر؟! أتملك أن تغير سير هذه الأرض؟! كما قال إبراهيم عليه السلام للنمرود: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258].
فالله العزيز في انتقامه من أعدائه، وهو سبحانه الحميد الذي يستحق الحمد، فله الحمد على ما قدر، وله الحمد على ما شرع سبحانه وتعالى، له الحمد في الأولى، وله الحمد في الآخرة، قدر سبحانه وتعالى آلاماً ومحناً، ولكنه جعل فيها من الحكم والمصالح والمنح والفضائل ما لا يحيط به عقل إنسان، ولذلك يحمد على المكروه كما يحمد على المحبوب.
وفي هذه القصة من أنواع الحمد والثناء على الله عز وجل ما لا تحيط به علوم العباد، وهو العزيز سبحانه وتعالى الحميد الذي لا يجعل تسلط الكفرة على المؤمنين عزاً لهم أو ذلاً لعباده المؤمنين، بل إنما يجعل العزة لمن أطاعه، وهو يحمد على ما قدر من تسليط الكفرة على المؤمنين من غير أن يتمكنوا من إذلالهم، فإن الذل الحقيقي هو حين يغير الإنسان عقيدته وقوله وفعله على حسب ما يريد من غلبه، هذا هو الذي قد ذل بالفعل، هذا الذي لم يعز حين يخضع لعدوه ويقول له: افعل كذا فيفعل، قل كذا فيقول، اترك كذا فيترك، احلق لحيتك فيحلقها، اترك الصلاة فيتركها، وإذا أذن له بالصلاة صلى، وإذا أذن له في الإيمان آمن، هذا هو الذل الحقيقي، وفرعون إنما أغضبه أن يؤمن السحرة قبل أن يأذن لهم، فالناس إذا وصلوا إلى هذا الحال وصلوا إلى الذل، وأهل الإيمان أبوا أن يذلوا، وظلوا على عزتهم معتصمين بالله عز وجل إلى أن ماتوا، فكانوا أعزة بالفعل؛ ولذلك الله العزيز يظهر في هذه القصة من عزته سبحانه وتعالى ما لا يدركه الناس وما لا يعلمونه، وما لو تأمل العبد بعضه لعلم أن الله سبحانه وتعالى لا ممانع له، فأمره نافذ، وهو غالب على أمره سبحانه وتعالى، وله الحمد عز وجل، وكما قال الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج:8].

اسم الکتاب : القصص القرآني المؤلف : برهامي، ياسر    الجزء : 1  صفحة : 5
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست