responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 998
وهو الذي إذا وعد وفى، فقد مكنني في أرضه وأمنني بعد خوفي يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: أجل قد أمنك الله إن أمنتك. فقال الشافعي: فقد حدثت أنك لا تقتل قومك صبراً، ولا تزدريهم بهجرتك غدراً، ولا تكذبهم إذا أقاموا لديك عذراً. فقال الرشيد: هو كذلك، فما عذرك مع ما أرى من حالك، وتسييرك من حجازك إلى عراقنا التي فتحها الله علينا بعد أن بغى صاحبك ثم اتبعه الأرذلون وأنت رئيسهم? فما ينفع لك القول مع إقامة الحجة ولن تضر الشهادة مع إظهار التوبة. فقال له الشافعي: يا أمير المؤمنين أما إذا استطلقني الكلام، فلسنا نكلم إلا على العدل والنصفة. فقال له الرشيد: ذلك لك. فقال الشافعي: والله يا أمير المؤمنين لو اتسع لي الكلام على ما بي لما شكوت لكن الكلام مع ثقل الحديد يعور، فإن جدت علي بفكة تركت كسره إياي وفصحت، عن نفسي، وإن كانت الأخرى فيدك العليا ويدي السفلى، والله غني حميد. فقال الرشيد لغلامه: يا سراح حل عنه. فأخذ ما في قدميه من الحديد فجثى على ركبته اليسرى ونصب اليمنى وابتدر الكلام فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يحشرني الله تحت راية عبد الله بن الحسن وهو ممن قد علمت لا ينكر عنه اختلاف الأهواء، وتفرق الآراء، أحب إلي وإلى كل مؤمن من أن يحشرني تحت راية قطري بن الفجاءة المازني. وكان الرشيد متكئاً فاستوى جالساً، وقال: صدقت وبررت، لأن تكون تحت راية رجل من أهل بيت رسول الله وأقاربه إذا اختلفت الأهواء، خير من أن يحضرك الله تحت راية خارجي يأخذه الله بغتة، فأخبرني يا شافعي ما حجتك على أن قريشاً كلها أئمة وأنت منهم. قال الشافعي: قد افتريت على الله كذباً يا أمير المؤمنين إن تطب نفسي لها. وهذه كلمة ما سبقت بها، والذين حكوها لأمير المؤمنين أبطلوا معانيه، فإن الشهادة لا تجوز إلا كذلك. فنظر أمير المؤمنين إليهما، فلما رآهما لا يتكلمان علم ما في ذلك وأمسك عنهما، ثم قال له الرشيد: قد صدقت يا ابن إدريس، فكيف بصرك بكتاب الله تعالى؟ فقال له الشافعي: عن أي كتاب الله تسألني؟ فإن الله سبحانه وتعالى أنزل ثلاثة وسبعين كتاباً على خمسة أنبياء، وأنزل كتاباً موعظة لنبي وحده، وكان سادساً، أولهم آدم عليه السلام وعليه أنزل ثلاثين صحيفة كلها أمثال، وأنزل على أخنوخ وهو إدريس عليه السلام ست عشرة صحيفة كلها حكم، وعلم الملكوت الأعلى. وأنزل على إبراهيم عليه السلام ثمانية صحف كلها حكم مفصلة، فيها فرائض ونذر.

اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 998
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست