responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 1002
فقال له الرشيد: يا شافعي لولا أنك من قريش لقلت: إنك ممن لين له الحديد، فهل من موعظة؟ فقال الشافعي: إنك تخلع رداء الكبر عن عاتقك، وتضع تاج الهيبة عن رأسك، وتنزع قميص التجبر عن جسدك، وتفتش نفسك، وتنشر سرك، وتلقي جلباب الحياء عن وجهك، مستكيناً بين يدي ربك. وأكون واعظاً لك عن الحق، وتكون مستمعاً بحسن القبول، فينفعني الله بما أقول، وينفعك بما تسمع. فقال له الرشيد: أما إني قد فعلت وسمعت لله والرسول وللواعظين بعدهما، فعظ وأوجز. فحل الشافعي عنه إزاره، وحسر عن ذراعيه، وقال: أيا أمير المؤمنين، اعلم أن الله جل ثناؤه امتحنك بالنعم، وابتلاك بالشكر، ففضل النعمة أحسن لتستغرق بقليلها كثيراً من شكرك، فكن لله تعالى شاكراً ولآلائه ذاكراً، تستحق منه المزيد. واتق الله في السر والعلانية تستكمل الطاعة، واسمع لقائل الحق وإن كان دونك تشرف عند الله، وتزد في عين رعيتك، واعلم أن الله سبحانه وتعالى يفتش سرك فإن وجده بخلاف علانيتك شغلك بهم الدنيا وفتق لك ما يزنق عليك، واستغنى الله والله غني حميد وإن وجده موافقاً لعلانيتك أحبك وصرف هم الدنيا عن قلبك، وكفاك مئونة نظرك لغيرك، وترك لك نظرك لنفسك، وكان المقوي لسياستك. ولن تطاع إلا بطاعتك لله تعالى، فكن طائعاً تكتسب بذلك السلامة في العاجل، وحسن المنقلب في الآجل: (إِنّ اللّهَ مَعَ الّذِينَ اتّقَواْ وّالّذِينَ هُم مّحْسِنُونَ) [النحل: 128]. واحذر الله حذر عبد علم مكان عدوه، وغاب عنه وليه، فتيقظ خوف السرى، لا تأمن من مكر الله لتواتر نعمه عليك، فإن ذلك مفسدة لك، وذهاب لدينك، وأسقط المهابة في الأولين والآخرين، وعليك بكتاب الله الذي لا يضل المسترشد به، ولن تهلك ما تمسكت به فاعتصم بالله تجده تجاهك، وعليك بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكن على طريقة الذين هداهم الله فبهداهم اقتد، وما نصب الخلفاء المهديون في الخراج والأرضين، والسواد والمساكن والديارات، فكن لهم تبعاً وبه عاملا راضياً مسلماً، واحذر التلبيس فيه فإنك مسئول عن رعيتك، وعليك بالمهاجرين والأنصار: (وَالّذِينَ تَبَوّءُوا الدّارَ [الحشر: 9].

اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 1002
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست