responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 1000
فقال الشافعي: إني لأعرف منها ما يخرج على وجه الإيجاب ولا يجوز تركه كما لا يجوز ترك ما أوجبه الله تعالى في القرآن. وما خرج على وجه التأديب، وما خرج على وجه الخاص لا يشرك فيه العام وما خرد على وجه العموم يدخل فيه الخصوص، وما خرج جواباً عن سؤال سائل ليس لغيره استعماله، وما خرج منه ابتداء لازدحام العلوم في صدره. وما فعله في خاصة نفسه واقتدى به الخاصة والعامة، وما خص به نفسه دون الناس كلهم مع مالا ينبغي ذكره، لأنه أسقطه عليه السلام، عن الناس وسنه ذكراً. فقال له الرشيد: أخذت الترتيب يا شافعي لسنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحسنت موضعها لوصفها، فما حاجتنا إلى التكرار عليك، ونحن نعلم ومن حضرنا أنك حامل نصابها مقلابها. فقال له الشافعي: ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، وإنما شرفنا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيك. فقال: كيف بصرك بالعربية؟ قال: هي مبدأنا وطباعنا بها قومت، وألسنتنا بها جرت، فصارت كالحياة لا تتم إلا بالسلامة. وكذلك العربية لا تسلم إلا لأهلها، ولقد ولدت وما أعرف اللحن، فكنت كمن سلم من الداء ما سلم له الدواء، وعاش بكامل الهناء. وبفلك شهد لي القرآن: (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رّسُولٍ إِلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ) [إبراهيم: 4]- يعني قريشاً ـ وأنت منهم وأنا منهم يا أمير المؤمنين، والعنصر نظيف والجرثومة منيعة شامخة، أنت أصل ونحن فرع، وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفسر ومبين، به اجتمعت أحسابنا فنحن بنو الإسلام، وبذلك ندعي وننسب، فقال له الرشيد: صدقت، بارك الله فيك. ثم قال له: كيف معرفتك بالشعر؟ فقال: إني لأعرف طويله وكامله، وسريعه ومجتثه، ومنسرحه وخفيفة، وهزجه ورجزه، وحكمه وغزله وما قيل فيه على الأمثال تبياناً للأخبار، وما قصد به العشاق رجاء للتلاق وما رثى به الأوائل ليتأدب به الأواخر، وما امتدح به المكثرون بابتلاء أمرائهم وعامتها كذباً وزوراً وما نطق به الشاعر ليعرف تنبيهاً وحال لشيخه فوجل شاعره، وما خرج على طرب من قائله لا أرب له، وما تكلم به الشاعر فصار حكمة لمستمعه، فقال له الرشيد: اكفف يا شافعي فقد أنفقت في الشعر، ما ظننت أن أحداً يعرف هذا ويزيد على الخليل حرفاً، ولقد زدت وأفضلت.

اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 1000
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست