اسم الکتاب : مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق المؤلف : أنور بن أهل الله الجزء : 1 صفحة : 13
تواضعا وأبعدهم عن الكبر. يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك وكان يعود المساكين ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد ويجلس في أصحابه كأحدهم. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ[كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته وكان بشرا من البشر يفلي ثوبه، ويحلب شاته ويخدم نفسه] (1)
35
36
وكان أوفي الناس بالعهود وأوصلهم للرحم وأعظمهم شفقة ورحمة بالناس، أحسن الناس عشرة وأدبا وأبسط الناس خلقا، أبعد الناس من سوء الأخلاق، لم يكن فاحشا ولامتفحشا ولا لعانا ولاصخابا في الأسواق ولايجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح وكان لايدع أحدا يمشي خلفه، وكان لايترفع علي عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس. وكان يحب المساكين ويجالسهم ويشهد جنائزهم ولا يحقر فقيرا لفقره، ولايعظم غنيا لغناه، وكان متواصل الأحزان دائم الفكر. ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة. يعظم النعمة وإن دقت ويتكلم بجوامع الكلم، فصل لافضول فيه ولا تقصير. إذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه.
جل ضحكه التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام. يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة. وكان دائم البِشْر، سهل الخلق، لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ لا يذم أحدا ولا يعيره ولايطلب عورته.
(1) مشكاة المصابيح [2/ 521]
اسم الکتاب : مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق المؤلف : أنور بن أهل الله الجزء : 1 صفحة : 13