responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 384
صور العدل
لا ريب أن المظاهر والصور التي يدخل فيها العدل كثيرة فمنها:
1 - عدل الوالي:
والوالي سواء كانت ولايته ولاية خاصة أو عامة يجب عليه أن يعدل بين الرعية.
قال ابن تيمية رحمه الله: بعد أن ذكر عموم الولايات وخصوصها كولاية القضاء، وولاية الحرب، والحسبة، وولاية المال: (وجميع هذه الولايات هي في الأصل ولاية شرعية ومناصب دينية فأي من عدل في ولاية من هذه الولايات فساسها بعلم وعدل وأطاع الله ورسوله بحسب الإمكان فهو من الأبرار الصالحين وأي من ظلم وعمل فيها بجهل فهو من الفجار الظالمين) [1].
وقال أيضاً: (يجب على كل ولي أمر أن يستعين بأهل الصدق والعدل وإذا تعذر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل) [2].
2 - العدل في الحكم بين الناس:
سواء كان قاضياً، أو صاحب منصب، أو كان مصلحاً بين الناس، وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه، قال تعالى: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58]
3 - العدل مع الزوجة أو بين الزوجات:
بأن يعامل الزوج زوجته بالعدل سواء في النفقة والسكنى والمبيت، وإن كن أكثر من واحدة فيعطي كلا منهن بالسوية.
قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا [النساء:3]
أما إذا كان له ميل قلبيُ فقط إلى إحداهن فهذا لا يدخل في عدم العدل، قال تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:129]
4 - العدل بين الأبناء:
قال صلى الله عليه وسلم: ((فاتّقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) [3] كما مر في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. ويكون العدل بين الأولاد في العطية وغيرها.
5 - العدل في القول:
فلا يقول إلا حقاً، ولا يشهد بالباطل، قال تعالى: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الأنعام:152]
وقال سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [النساء:135]
6 - العدل في الكيل والميزان:
قال تعالى: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ [الأنعام:152] (يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء، كما توعد على تركه في قوله تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:[1] - 6]. وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان) [4].
7 - العدل مع غير المسلمين:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8]
(وفي كون العدل مع الأعداء الذين نبغضهم أقرب للتقوى احتمالان:
الأول: أن يكون أقرب إلى كمال التقوى، وذلك لأن كمال التقوى يتطلب أموراً كثيرة، منها هذا العدل، والأخذ بكل واحد من هذه الأمور يقرب من منطقة التقوى الكاملة.
الثاني: أن يكون أقرب إلى أصل التقوى فعلاً من ترك العدل مع الأعداء ملاحظين في ذلك مصلحة للإسلام وجماعة المسلمين، وذلك لأنه قد يشتبه على ولي الأمر من المسلمين في قضية من القضايا المتعلقة بعدو من أعدائهم، هل التزام سبيل العدل معه أرضى لله؟ أو ظلمه هو أرضى لله باعتباره معادياً لدين الله؟ وأمام هذا الاشتباه يعطي الله منهج الحل فيقول: اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] أي: مهما لاحظتم أن ظلمه لا يتنافى مع التقوى فالعدل معه أقرب للتقوى.
ولا يخفى أن من ثمرات هذا العدل ترغيب أعداء الإسلام بالدخول فيه، والإيمان بأنه هو الدين الحق، وكم من حادثة عدل حكم فيها قاضي المسلمين لغير المسلم على المسلم اتباعا للحق، فكانت السبب في تحبيبه بالإسلام ثم في إسلامه) [5].

[1] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/ 68).
[2] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/ 67).
[3] رواه البخاري (2587) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
[4] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (3/ 364).
[5] ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (1/ 581).
اسم الکتاب : موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 384
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست