responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الرقائق والأدب المؤلف : الحمداني، ياسر    الجزء : 1  صفحة : 238
المَوْهُوبُونَ وَالمَوْهُومُون
لَقَدْ كَتَبْتُ هَذِهِ المَقَامَةَ المَيْمُونَة؛ مِن أَجْلِ المَوَاهِبِ المَدْفُونَة، وَالجَوَاهِرِ المَكْنُونَة؛ لأَقُولَ لِهَذِهِ الْعُقُولِ النَّيِّرَات: لاَ تَذْهَبْ أَنْفُسُكُمْ حَسَرَات 0
إِنَّ البَدْرَ دَائِمَاً لاَ يَظْهَرُ إِلاَّ في الظَّلاَم، وَالأَحْجَارُ الْكَرِيمَةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ تحْتَ الأَقْدَام 00!!
{فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُواْ شَيْئَاً وَيجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيرَاً كَثِيرَا} {النِّسَاء/19}
وَالمحَنُ وَالشَّدَائِدُ هِيَ الَّتي تَصْنَعُ الرِّجَال، وَالأَجْسَامُ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ بَعْدَ اعْتِلاَل 00!!
فَطَرِيقُ الجَنَّةِ لَيْسَ مَفرُوشَاً بِالوُرُودِ وَالشُّمُوع، بَلْ بِالشَّوْكِ وَالدُّمُوع، وَمَن أَرَادَ أَكْلَ التِّينِ فَلْيَتَحَمَّلْ مَا تُسَبِّبُهُ لَهُ الأَشْوَاكُ مِنَ الجُرُوح؛ فَالرَّاحَةُ دَائِمَاً لاَ تَأْتِي إِلاَّ بَعْدَ طُلُوعِ الرُّوح،
وَلاَ يُوجَدُ كَاتِبٌ وَلاَ أَدِيبٌ وَلاَ شَاعِر، أَبْدَعَ في التِّرَاجِيدْيَا وَالأَدَبِ السَّاخِر؛ مِن غَيرِ أَنْ يُعَانيَ مُرَّ المُعَانَاة، وَيَرَى المَوْتَ عَلَى قَيْدِ الحَيَاة، وَلَوْلاَ ظَلاَمُ الْفَجْر، لَمَا ظَهَرَ جَمَالُ الْبَدْر 00!!
وَنجَاحُ المَوْهُومِين؛ لاَ يُقَلِّلُ أَبَدَاً مِنْ شَأْنِ المَوْهُوبِين؛ فَالبرْمِيلُ الْفَارِغُ هُوَ الَّذِي يحْدِثُ الرَّنِين!!
{قُلْ لاَ يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيث} {المَائِدَة/100}
وَصَدَقَ الحُكَمَاء ـ عِنْدَمَا قَالُواْ في تجَاهُلِ الْعُلَمَاء: البَيْضُ الفَاسِدُ هُوَ الَّذِي يَطْفُو عَلَى سَطْحِ المَاء؛ وَلِذَا أَصْبَحَتْ مِصْر: أَشْبَهَ شَيْءٍ بِالْبَحْر 00
فَوْق الرَّأْسِ يَحْمِلُ * الأَقْذَارَ وَالأَعْفَان
وَتَدُوسُ أَرْجُلُهْ * اليَاقُوتَ وَالمَرْجَان
وَهَكَذَا يَسْفُلُ * الرَّاجِحُ في المِيزَان
{أَفْكَارٌ جَيِّدَةٌ قَرَأْتُهَا في شِعْرِ ابْنِ الرُّومِيِّ فَقُمْتُ بِنَظْمِهَا وَتَهْذِيبِهَا}
وَكَتَبْتُ أَيْضَاً هَذِهِ الأَبْيَاتِ عَلَى سَبِيلِ المُوَاسَاةِ لهَؤُلاَءِ الْعَبَاقِرَة، وَكَمَا قَالُواْ في الأَمْثَالِ السَّائِرَة: النَّائِحَةُ الثَّكْلَى لَيْسَتْ كَالمُسْتَأْجَرَة:
زَمَنٌ بِهِ فِرَقُ الذُّبَابْ * قَدْ أَصْبَحَتْ فَوْقَ السَّحَابْ
الرُّؤْيَةُ انعَدَمَتْ بِهِ وَبجَوِّهِ كَثُرَ الضَّبَابْ
النَّاسُ تَرْغَبُ في الْقُشُورِ بِهِ وَتَزْهَدُ في اللُّبَابْ
مَا فِيهِ أَرْخَصُ قَطُّ مِنْ دِيوَانِ شِعْرٍ أَوْ كِتَابْ
زَمَنٌ بِهِ أَهْلُ التُّرَاثِ لِفَقْرِهِمْ أَكَلُواْ التُّرَابْ
وَيُوَاجِهُ الأُدَبَاءُ فِيهِ كُلَّ أَنوَاعِ الصِّعَابْ
حَقُّ المُؤَلِّفِ صَارَ بِالإِكْرَاهِ يُغْتَصَبُ اغْتِصَابْ
أَمْسَى فَرِيسَةَ نَاشِرٍ فَظٍّ لَهُ ظُفْرٌ وَنَابْ
زَمَنٌ عَجِيبٌ يَا صَدِيقِي مِنهُ شَعْرُ الرَّأْسِ شَابْ

بِقَلَم / يَاسِر الحَمَدَاني

اسم الکتاب : موسوعة الرقائق والأدب المؤلف : الحمداني، ياسر    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست