فصل
قال القاضي: فإن وقف الإختيار علي واحد من اثنين، فتنازعاها، لم يكن ذلك قدحًا بمنعهما منها؛ لِمَا بيّنا أن طلبها غيرُ مكروه؛ لأنه قد تنازعها أهلُ الشورى، وتنازعها عليٌّ ومعاوية.
وبماذا يقطع به تنازعُهما مع تكافؤ أحوالهما؟
فقياس قول أحمد -رضي الله عنه-: أنه يُقرع بينهما، فيبايَعُ مَنْ قرعَ بينهما؛ لأنه قال في رواية ابنه عبد الله: في مسجدٍ فيه رجلانِ تداعيا الأذان فيه: يقرع بينهما، واحتجّ بقول سعدٍ، ولفظُ الحديث ما رواه أبو حفص العُكْبَريّ بإسناده عن ابنِ شُبْرُمة: أن الناس تشاحُّوا في الأذان يومَ القادسيّة، فأقرعَ بينهم سعدٌ [2].
وبإسناده عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْه، لاسْتَهَمُوا".
قلت: والحديث في "الصحيح" [3]، والله أعلم. [1] المرجع السابق (ص: 24). [2] انظر: "الأحكام السلطانية" (ص: 25). [3] رواه البخاري (590)، كتاب: الأذان، باب: الدعاء عند النداء، ومسلم (437)، كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها.
اسم الکتاب : إيضاح طرق الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة المؤلف : ابن المِبْرَد الجزء : 1 صفحة : 83