responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 245
أَبِيكَ وَلاَ كَدِّ أُمِّكَ»، فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ وَنَزَلَ عَنْ المِنْبَرِ، وَقَالَ لِلْنَّاسِ: «مَكَانَكُمْ»، وَغَابَ عَنْهُمْ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ اغْتَسَلَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ كَلَّمَنِي بِكَلاَمٍ أَغْضَبَنِي، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الغَضَبُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَالشَّيْطَانُ خُلِقَ مِنَ النَّارِ وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْتَسِلْ"، وَإِنِّ دَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ، وَصَدَقَ أَبُو مُسْلِمٍ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّي وَلاَ مِنْ كَدِّ أَبِي فَهَلُمُّوا إِلَى عَطَائِكُمْ».

وأدخل سفيان الثوري على أبي جعفر المنصور، فقال له: «ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ»، فقال: «اتَّقِ اللهَ فَقَدْ مَلأْتَ الأَرْضَ ظُلْمًا وَجَوْرًا»، فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ فَقَالَ: «ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ»، فَقَالَ: «إِنَّمَا أُنْزِلْتَ فِي هَذِهِ المَنْزِلَةِ بِسُيُوفِ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَمُوتُونَ جُوعًا فَاتَّقِ اللهَ وَأَوْصِلْ إِلَيْهِم حُقُوقَهُم»، فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ فَقَالَ: «ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ»، فَقَالَ: «حَجَّ عُمَرُ فَقَالَ لِخَازِنِهِ: " كَمْ أَنْفَقْتَ؟ "»، قَالَ: «بِضْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا أَرَى هَاهُنَا أَمْوَالاً لاَ تُطِيقُ الجِمَالُ حَمْلَهَا»، ثُمَّ خَرَجَ.

فهؤلاء لم يواجهوا الخلفاء هذه المواجهة إلا بما للأمة من سلطان مراقبة الحكام وتقويم اعوجاجهم، وما قبل منهم الخلفاء هذا التحدي وما استجابوا لهم إلا لعلمهم أن للأمة سلطانًا، وأن عليهم أن يطأطئوا رؤوسهم لهذا السلطان.

اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية المؤلف : عبد القادر عودة    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست