اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 142
على الكره، فتفترق الجماعة وتختلف الكلمة، والشارع محذر من ذلك حريص على اتفاقهم، بخلاف ما إذا كان الأمر في قريش لأنهم قادرون على سوق الناس بعصا الغلب إلى ما يراد منهم فلا يخشى من أحد خلاف عليهم ولا فرقة لأنهم كفيلون حينئذٍ بدفعها ومنع الناس منها، فاشترط نسبهم القرشي في هذا المنصب وهم أهل العصبية القوية ليكون أبلغ في انتظام الملة واتفاق الكلمة، وإذا انتظمت كلمتهم انتظمت بانتظامها كلمة مضر أجمع فأذعن لهم سائر العرب وانقادت الأمم سواهم إلى أحكام الملة، ووطئت جنودهم قاصية البلاد كما وقع في أيام الفتوحات واستمر بعدها في الدولتين الى أن اضمحل أمر الخلافة وتلاشت عصبية العرب، فإذا ثبت أن اشتراط القرشية إنما هو لدفع التنازع بما كان لهم من العصبية والغلب، وعلمنا أن الشارع لا يخص الأحكام بجيل ولا عصر ولا أمة، علمنا أن ذلك إنما هو من الكفاية فرددناه إليها وطلبنا العلة المشتملة على المقصود من القرشية، وهي وجود العصبية، فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبية غالبة على من معها لعصرها، وإذا نظرت سِرَّ اللهِ في الخلافة لم تعد هذا لأنه سبحانه إنما جعل الخليفة نائبًا عنه في القيام بأمور عباده ليحملهم على مصالحهم ويردهم عن مضارهم، وهو مخاطب بذلك ولا يخاطب بالأمر إلا من له قدرة عليه، ثم إن الوجود شاهد بذلك فإنه لا يقوم بأمر أمة أو جيل إلا من غلب
اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 142