اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 110
وما لم يرد فيه نص طبق عليه ما يوحى به إليه أن نزل فيه الوحي بشيء فإن لم ينزل فيه وحي اجتهد في الحكم ولم يخرج بالأمر عما يقتضيه روح التشريع الإسلامي واتجاهاته العليا.
سُلْطَانٌ بِلاَ أَلْقَابٍ:
ولقد أعيا البعض أن يفهم كيف يكون الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رئيس الدولة والمرجع الأول في إدارتها وتوجيه سياستها ثم لا يتخذ لنفسه أي مظهر من مظاهر الحكم، ولا يلقب نفسه بما يلقب به عادة أصحاب السلطان من ألقاب الإمارة والملك والخلافة. ولعل هؤلاء لا يعلمون أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان خلقه القرآن كما قالت عائشة، وأنه قال: «إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلاَ يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» وأنه قال: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» وقال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ولعل هؤلاء لا يعلمون أن الإسلام يدعو إلى التواضع والبساطة والرحمة، ويكره التعالي والظهور، بل أنه ليجعل الدار الآخرة للذين لا يريدون عُلُوًّا في الأرض ولا تَرَفًا ولا عظمة ولا فسادًا {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]. وما يليق بالرسول إلا يكون مثلاً لما جاء به، وأن يتخلق بأخلاق القرآن.
ثم إن ألقاب الإمارة والملك والخلافة ليست شيئًا بجانب
اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 110