اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا القانونية المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 94
إن إنجلترا لما رأتنا نلحف في السؤال قدرت أننا أهل للاستغفال فطوت يدها كما يفعل السخي على ورقة تعلن استقلالنا، لنعترف للإنجليز بأن من حقهم استغلالنا، ورقة تمنحنا حريتنا فيما يضرنا وتسلبها فيما ينفعنا، وخيلت لنا الغفلة أن إنجلترا منحتنا حريتنا واستقلالنا، فطرنا بهذه الورقة كل مطار وسميناها معاهدة الشرف والاستقلال، ثم لما جد الجد بحثنا عن الحرية ونقبنا عن الاستقلال فإذا بنا نجد سرابًا لا ماءً، وأسماءً لا مسميات.
إن معاهدة 1936 في نصوصها وفي الكيفية التي طبقت بها دليل لا ينقض على أن إعلان الاستقلال وعقد معاهدات التحالف مع بقاء الاحتلال قائمًا ليس بالذي يحرر الشعوب المحتلة أو التابعة من عبوديتها أو تبعيتها، وليس بالذي يمكن لها حتى فيما يتعلق بداخليتها، بل إن هذه الشعوب بالرغم من إعلان الاستقلال وقيام المعاهدات لا تستطيع أن تفعل إلا ما يرضي حلفاءها الأقوياء ويحقق مصالح سادتها ولو أضر بمصلحتها، وتظل أيديها مغلولة في نظامها وسياستها وتشريعها واقتصادها، ولن يرضى الحليف القوي إلا أن يعيش الحليف الضعيف تابعًا له ومطيعًا لأمره، ولن يسمح الاستقلال المزعوم للدولة المحتلة أن تختار لنفسها منهاجًا معينًا أو حكامًا معينين، بل عليها أن تختار المنهاج الذي يختاره المحتلون، والحكام الذين يزكيهم الاحتلال، ولن يختار المحتلون إلا منهاجًا يُمَكِّنُ لهم ولمصالهحم في البلاد المنكوبة بهم، ولن يزكوا إلا حكامًا يوالونهم ويرعون مصالحهم، ويحفظون لهم سمعتهم
اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا القانونية المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 94