أهمية العمل بالعلم للمحتسب
إن الحمد الله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد:
نؤكد على ضرورة عمل المحتسب بعلمه، واجتهاده في القيام بالواجبات، وتركه المحرمات، واجتهاده بعد ذلك في فعل المندوبات، وترك المكروهات حتى تؤثر دعوته في النفوس، وتؤتي أكلها وثمارها، فإن الدعوة بالسلوك أكثر تأثيرًا في النفوس؛ ولذلك قيل: عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل.
فعلى المحتسب أن يعلم أن العمل بالعلم واجب، وأن من لم يعمل بما علم عذب. وقد كثرت في ذلك النصوص من الكتاب والسنة، وأقوال سلف الأمة.
قال الخطيب البغدادي -رحمه الله- في كتاب (اقتضاء العلم العمل) بعد أن حمد الله، وأثنى عليه، وصلى على رسوله -صلى الله عليه وسلم-: ثم إني موصيك يا طالب العلم بإخلاص النية في طلبه، وإجهاد النفس على العمل بموجبه؛ فإن العلم شجرة، والعمل ثمرة، وليس يعد عالمًا من لم يكن بعلمه عاملًا، وقيل: العلم والد، والعمل مولود، والعلم مع العمل، والرواية مع الدراية.
فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشًا من العلم، ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرًا في العمل، ولكن اجمع بينهما، وإن قَلَّ نصيبك منهما، وما شيء أضعف من عالم، ترك الناس علمه لفساد طريقته، وجاهل أخذ الناس بجهله لنظرهم إلى عبادته، والقليل من هذا مع القليل من هذا أنجى في العاقبة؛ إذا تفضل الله بالرحمة، وتمم على عبده النعمة.
فأما المدافعة، والإهمال، وحب الهوينى، والاسترسال، وإيثار الخفض والدعة، والميل مع الراحة والسعة، فإن خواتم هذه الخصال ذميمة، وعقباها كريهة وخيمة.