يأمره أن يصلي ركعتين حتى سأله هل صلى أم لا، مع أن ظاهر الحال أنه رجل دخل وجلس ولم يصل، ولكن الرسول -صلى الله عليه وسل م- خاف أن يكون قد صلى وهو لم يشعر به، فقال: ((أصليت، فقال: لا، قال: قم فصل ركعتين)).
كذلك في المنكر لا يجوز أن تُنكر على شخص إلا إذا علمت أنه وقع في المنكر، فإذا رأيت مع شخص امرأة في سيارة مثلًا، فإنه لا يجوز أن تتكلم عليه أو على المرأة؛ لأنه ربما تكون هذه المرأة من محارمه زوجة، أو أمًّا، أو أختًا، أو ما أشبه ذلك؛ حتى تعلم أنه قد أركب معه امرأة ليست من محارمه، وأمثال هذا كثير، والمهم أنه لا بد من علم الإنسان أن هذا معروف ليأمر به، أو منكر لينهى عنه، ولا بد أن يعلم أيضًا أن الذي وجه إليه الأمر أو النهي قد وقع في أمر يحتاج إلى أمر فيه أو نهي عنه.
وهل يُشترط في المحتسب أن يكون عارفًا بالصنائع الدنيوية والمهن والحرف التي يباشرها الناس؟ الواقع أن هذا التساؤل وراد؛ لأن عمل المحتسب يشمل مراقبة هذه المهن، والحرف ليتأكد من عدم غش أصحابها واحتيالهم، وإضرارهم بالناس؛ فقد ذكر الفقهاء أن على المحتسب أن يراقب أصحاب المهن والصنائع المختلفة، ويمنعهم من الغش فيها، كما يمنع مباشرتها من قبل الجُهَّال بها، ومن البديهي أن هذا لا يتأتَّى للمحتسب إلا إذا كان عارفًا بهذه الصنائع والحرف؛ بل ذهب الفقهاء إلى أن المحتسب يمتحن بعض أصحاب المهن العلمية كطبيب العيون، ليتأكد من صلاحيته لهذه المهنة، وهذا يستلزم معرفة المحتسب لهذا الجانب من العلم.
قال الفقيه عبد الرحمن النصر الشيزاري: "وأما الكحالون -يعني: أطباء العيون- فيمتحنهم المحتسب، فمن وجده فيمن امتحنه عارفًا بتشريح عدد