سبحانه: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} (طه: 134).
وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- كل ما أرشدت إليه هذه الرسالة من خير، وحذرت منه من شر بكل الأساليب التي أتيحت له، وعلى هذا مضى الصحابة والتابعون فمن بعدهم, ويجب أن يبقى الأمر على هذا النحو ما بقيت الحياة لا سيما وأنه ما يأتي زمانًا إلا وما بعده شرًّا منه والشر لا يواجه بالسكوت، وإلا لتحولت الأرض إلى بؤرة من الشر والفساد، كما قال الله سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (البقرة: 251)، وقال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًاٌ} (الحج: 40)، وإنما يواجه الفساد بالإيجابية التي تقضي عليه، أو تقلل منه على الأقل؛ بحيث تحصره في دائرة محدودة لا يتعداها.
كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبًا لتحقيق مبدأ التضامن الاجتماعي بين الناس، فإن الناس جميعًا بينهم تضامن اجتماعي واجب كل واحد يسعى في مصلحة نفسه ومصلحة الآخرين، ويجتهد في دفع الشر عن نفسه وعن الآخرين، وما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا طريقان لحفظ هذا الواجب؛ إذًا فهما واجبان، وذلك من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كذلك يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتحقيق مبدأ الأخوة الإنسانية والإسلامية التي قال الله تعالى فيها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} (النساء: 1)، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10).
ومقتضى هذه الأخوة أن يقوم كل أخٍ بدلالة أخيه على ما فيه مصلحته وسعادته في الدنيا والآخرة، وأن يزجره عن كل ما فيه فساده وشقوته في الدنيا والآخرة، ويكون ذلك فيه على سبيل وجوب لا سبيل الندب والتطوع، وانطلاقًا