جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي به أمثاله من المجددين المصلحين- نهض بهذه المهمة الشريفة من بعده أبناؤه وتلاميذه، كما ورث الخلف من الأمراء السعوديين أمانة سلفهم في إقامة شرع الله، وتحكيم كتابه وسنة رسوله.
فلقد تضامن العلماء والأمراء في عملية الاحتساب، العُلماء لتبيين أحكام الدين، والأمراء للتنفيذ والحِمَاية والردع إذا لزم الأمر؛ إلّا أنه لم ينفرد بالحسبة شخصٌ مُعين في ولاية مستقلة في الدولة السعودية الأولى، وكذا الثانية، وهذا يمتد من قيام الدولة السعودية الأولى إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري وبداية القرن الرابع عشر، في تلك الفترة كان يقوم العالم بالحسبة والقضاء والإفتاء، وفي الوقت نَفْسِه يجلس للتلاميذ.
وقبل فتح الرِّياض من قبل الملك عبد العزيز سنة ألف وثلاثمائة وتسعة عشر، وهي بداية قيام الدولة السعودية الثالثة القائمة اليوم، لم يهتم الأمراء الذين كانوا يحكمون بعض المدن والمقاطعات في ذلك الوقت بأمر الحسبة؛ لعدم استقرار الأوضاع السياسية، كذلك فإنّ الحِسْبَة لم تُمارس على المستوى الرَّسْمِي، ولكن كانت تُمارس على المستوى الفردي التطوعي، من قبل بعض العلماء الأجلاء؛ حيث قاموا بما يجب عليهم في هذا الجانب، ومن هؤلاء الشيخ عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ، الذي كان يقوم بأمر الاحتساب تطوعًا في مدينة الرياض، عندما فتحها الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
لكن بعد أن استقرت البلاد واتّسَعَ نِطَاقُ الحُكم قام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بتكليف الشيخ عبد العزيز آل الشيخ؛ ليكونَ أوّل مُحتسب مكلف في الدولة السعودية المُعاصرة، وقد زوده بأعوان ومُساعدين منهم: الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ، والشيخ عبد الرحمن بن إسحاق آل الشيخ،