وأخبر -سبحانه وتعالى- بأنه إنما أهلك القرون الماضية بتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال سبحانه: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} (هود: 116) فبيَّن سبحانه أنه أهلك جميعهم إلا قليلًا منهم كانوا ينهون عن الفساد في الأرض.
ووعد -سبحانه وتعالى- الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالأجر العظيم، فقال عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء: 114).
وبيَّن -سبحانه وتعالى- أن الفائزين بخيري الدنيا والآخرة هم القائمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104)، وهذه الجملة {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} تفيد عند أهل العلم باللغة العربية الحصر أي: أن الفلاح إنما يكون لهؤلاء الذي يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويدعون إلى الخير. هذا بعض ما جاء في القرآن الكريم في فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأما الأحاديث في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي كثيرة، فقد عدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة، ورد ذلك في أكثر من حديث؛ فعن أبي ذر -رضي الله عنه- أن ناسًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ((يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: أو ليس قد جعل الله لكم ما