وذكر عن إسحاق بن شقلا أنه ذكر أن المتعة هي الزنا صراحة. عن ابن بطة قال: لا يفسخ نكاح حكم به قاض إن كان قد تأول فيه تأويلًا إلا أن يكون قضى لرجل بعقد متعة، أو طلق ثلاثًا في لفظ واحد، وحكم بمراجعة من غير زوج، فحكمه مردود، وعلى فاعله العقوبة والنكال.
والمنصوص عن أحمد: الإنكار على اللاعب بالشطرنج، وتأوله القاضي على من لعب بها بغير اجتهاد، أو تقليد سائغ، وفيه نظر؛ فإن النصوص عنه: أنه يحد شارب النبيذ المختلف فيه، وإقامة الحد أبلغ مراتب الإنكار مع أنه لا يفسق عنده بذلك، فدل على أنه ينكر كل مختلف فيه ضعف الخلاف؛ لدلالة السنة على تحريمه، ولا يخرج فاعل متأول عن العدالة بذلك، وكذلك نص أحمد على الإنكار على من لا يتم صلاته، ولا يقيم صلبه في الركوع والسجود، مع وجود الاختلاف في وجوب ذلك.
هذه هي أقوال الفقهاء في هذا الشرط من شروط المنكر، وهو ألا ينكر المختلف فيه، وللإمام ابن القيم -رحمه الله- رأي وجيه في هذه المسألة، فقد قال في كتابه (إعلام الموقعين): خطأ من يقول: لا إنكار في مسائل الخلاف. قال: قولهم: إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح؛ فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول والفتوى، أو العمل، أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة، أو إجماعًا شائعًا وجب إنكاره اتفاقًا، وإن لم يكن كذلك، فإن بيان ضعفه ومخالفته للدليل إنكار مثله.
وأما العمل: فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار، وكيف يقول فقيه: لا إنكار في المسائل المختلف فيها، والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتابًا أو سنة، وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء، وأما إذا لم يكن في المسألة سنة، ولا إجماع، وللاجتهاد فيها مسار، لم تنكر على من عمل بها مجتهدًا، أو مقلدًا،