ولهذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بتولية ولاة أمور عليهم، وأمر ولاة الأمور أن يردوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل, وأمرهم بطاعة ولاة الأمور في طاعة الله تعالى. ففي (سنن أبي داود) عن أبي سعيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم))، وفي سننه أيضًا عن أبي هريرة مثله.
وفي (مسند الإمام أحمد) عن عبد الله بن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمَّروا أحدهم)) , فإذا قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولى أحدهم؛ كان هذا تنبيهًا على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك؛ ولهذا كانت الولاية لمن يتخذها دينًا يتقرب به إلى الله، ويفعل فيها الواجب بحسب الإمكان من أفضل الأعمال الصالحة، حتى قد روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن أحب الخلق إلى الله إمام عادل، وأبغض الخلق إلى الله إمام جائر)).
وإذا كان جماع الدين، وجميع الولايات هو أمر ونهي، فالأمر الذي بعث به الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- هو الأمر بالمعروف، والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر، وهذا نعت النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين كما قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} (الأعراف: 156، 157).
وقال الله تعالى في حق المؤمنين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} (التوبة: 71).