ورغم استمرار الدعوة الإسلامية على مر العصور الإسلامية الماضية إلا أنها، وباعتبارها جهودًا بشرية محدودة تتعرض من حين لآخر للقوة والضعف؛ ولهذا فإن عناية الله -سبحانه وتعالى- بهذه الأمة تتجلى في فترة الضعف بالذات؛ حيث يقيض الله للمسلمين من يقوم منهم ليعيد للدين نضارته، وينتشل المسلمين من كبوتهم، ويزيل الغبش الذي قد يكون علق بأذهانهم، وفكرهم، فلبس عليهم دينهم.
وتأتي عناية الله -كما نوهنا من قبل- فتقيض للأمة من داخل نفسها، ومن أبنائها البررة من يحاول إعادة الأمة إلى جادة الصواب. والأمة اليوم تعج الساحة الإسلامية بحركات إسلامية، لا شك في أنها مثلت مظهرًا من مظاهر الرجعة إلى الدين، والتي أعادت -وبحق- جريان الإسلام في عروق وقلوب الأمة بعد أن تكالبت كل الشرور من الأعداء؛ لوقف الدين، ودفن ينابيعه.
لكننا نريد أن نؤكد على أن الإسلام هو دين الوحدة شعاره: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، وشعاره: التواثق، والترابط، والبروز صفًّا واحدًا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا)).
وقد كثرت النصوص في الأمر بالاجتماع، والنهي عن التفرق، من ذلك قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، إلى أن قال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران: 105)، وقال تعالى في ذم الخلاف والفرقة: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (الأنعام: 159).