وفي المسجد كانت تتم مداواة الجرحى وعياداتهم، وكان المسلمون يتشاورون، ويتبادلون الرأي في المساجد، وفي المساجد كانت توزع الأموال من زكوات وغيرها، وفي أكثر بلاد المسلمين كانت تتم في المساجد -وإلى وقت قريب- عقود الأنكحة وإعلانها، وفيها كان يتم استقبال الضيوف.
ومن وظائف المسجد الكبرى: أنه المكان الذي يجتمع فيه المسلمون اجتماعات تسودها المحبة، والصفاء، والوئام، مجتمع يحث الجميع فيه بأخوة الإسلام، ووحدة الهدف والمصير.
وإذا كان هذا هو دور المسجد، فإنه أيضًا كما أكدنا على ضرورة استغلال، وتسخير الوسائل الإعلامية المختلفة، والتعليم؛ ليكونا وسيلتين فاعلتين تساعد عمل المحتسب داخل المجتمع، فإن المسجد لا يقل أهمية في ذلك، بل هو أقرب وأسهل وأشمل في هذه المساندة لعمل المحتسب.
ويُمكننا أن نلخص دور المسجد في مساندة عمل المحتسب في النقاط التالية:
أولًا: قيام المُحتسب بنفسه، أو بالتعاون مع العلماء والمشايخ بإلقاء دروس ومواعظ في مسجد الحي الذي يعمل فيه المحتسب، يعلم الناس فيها تعاليم الإسلام، ومبادئه، وينير لهم الطريق بعدم الوقوع فيما يخالف تلك التعاليم والمبادئ؛ حتى إذا ما احتسب على أمر يخالف شيئًا منها كان المخالف على سابق علم بما وقع فيه.
ثانيًا: استغلال خطبة الجمعة في طرح القضايا التي يرى المحتسب ضرورة الاحتساب على الناس فيها.
ثالثًا: إضافة إلى ما تقدم، يتحين المحتسب الفرص لعقد ندوات بين كل فترة وأخرى، وليكن موضوعها: القضايا التي تهم أهل تلك الجهة، ولا تكفي خطبة الجمعة لمناقشتها، بحيث يتولى المنتدون مناقشة القضية من كل جوانبها.