الأمراض القلبية من الرياء والحقد والحسد والعداوة والبغضاء ونحوها، ويشمل تضيع العبادات من الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ونحوها، ويشمل المنكر أيضًا الفواحش كالزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف وقطع الطريق، والكذب، والحرابة، والبغي، ونحوها، ويشمل الكذب والجور والظلم، والخيانة والخسة ونحوها، وإنما سمي المنكر منكرًا؛ لأن الفطر السليمة المستقيمة والعقول السليمة تنكره، وتشهد بشره وضرره وفساده، ومعنى النهي عن المنكر التحذير من إتيانه وفعله، مع التنفير منه والصد عنه، وقطع أسبابه، وسبله بصورة تقتلعه من جذوره وتطهر منه الحياة جميعًا.
منزلة الحسبة في الدين
فقد قال ابن الأخوة فيها: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله به النبيين أجمعين، ولو طُوي بساطة وأهمل عمله وعلمه؛ لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، ونسيت الصلاة، وشاعت الجهالة، وانتشر الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد، وهلك العباد، وإن لم يشعروا بالهلاك إلى يوم التناد. وقد كان الذي خفنا أن يكون فإنا لله وإنا إليه راجعون؛ إذ قد اندرس من هذا القطب عمله وعلمه، فانمحق بالكلية حقيقته ورسمه، واستولت على القلوب مداهنة الخلق، وانمحقت عنها مراقبة الخالق، فاسترسل الناس في اتباع الهوى والشهوات استرسال البهائم، وعز على بسيط الأرض مؤمن صادق لا تأخذه في الله لومة لائم. فمن سعى في تلافي هذه الفترة وسد هذه الظلمة، إما متكلفًا بعلمها، أو