responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السياسة الشرعية المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 294
فإن هؤلاء الذين يدعون أن المسلمين لم يعرفوا السياسة في أيامهم إنما لهم أغراض خبيثة في هذا الادعاء يريدون أن يبعدوا الإسلام عن ساحة الحكم، وهذا ظلم فإن أردت أن تميط اللثام عن وجه الحق في الموضوع؛ فاعلم أنه كان للرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه؛ كان لهم سياسة ساسوا بها عرب الجزيرة، وغيرهم من الشعوب التي خضعت للإسلام، وهيمن عليها حكم المسلمين، وهي الشعوب التي كانت تشكل غالبية العالم القائم آنذاك، وكيف يقال غير ذلك، وقد اعتنقت الأجناس المختلفة -الرومية، والفارسية، والحبشية، والعربية- اعتنقت الإسلام، وتعايشت في ظل دولة موحدة يدين لها الجميع بالولاء والطاعة، فهل كان من المستساغ، والمقبول أن تعتنق كل هذه الأجناس للإسلام، وأن تتعايش هذه الأخلاط المتباينة في جذورها، وعاداتها، وثقافاتها، ولغاتها، وفلسفتها بغير سياسة توجه حياتها؟
إن ذلك -لو صح- يضاد أبسط أصول الاجتماع الإنساني؛ ومن ثم يصبح القول بأن الجميع قد عاش في ظل السياسة المنبثقة عن الشريعة -التي حققت مصالحهم- أقرب إلى العقل والمنطق يشهد له قيام الدولة الإسلامية بقوتها، وترامي أطرافها عبر العصور الطويلة في العهد النبوي، وعهد الراشدين، والأمويين، والعباسيين.
ويوجب القول السابق استجلاء الحقيقة حول المقصود بالسياسة، وما ترمي إليه، والسياسة مأخوذة من سَوَسَ، يقال: ساس الرعية يسوسها سياسة، ويقال: ساس الأمر يسوسه سياسة -بمعنى: قام به.
وقد أورد ابن القيم تعريفًا للسياسة بقوله: السياسة ما كان فعلًا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد -وإن لم يضعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا نزل به وحي.

اسم الکتاب : السياسة الشرعية المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 294
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست