وتم تعريب ديوان خراج مصر على عهد الوليد بن عبد الملك، وذلك تحت إشراف أخيه والي مصر عبد الله بن عبد الملك سنة 78 هجرية 707 ميلاديًّة، إذ عزل صاحب هذا الديوان وهو "أتناش" وعين مكانه أحد رجال العرب واسمه بن يربوع الفرزي، وتبع ذلك تعريب باقي الدواوين في بلاد المغرب على يد موسى بن نصير، وكان آخرها ديوان خراج خراسان الذي تولى تعريبه سنة 124 هجريًّة إسحاق بن طليق، بتكليف من الوالي نصر بن سيار.
وصارت جميع دواوين الخراج في الدولة الإسلامية تستخدم لغة واحدة هي اللغة العربية، وهي خطوة هامة مهدت السبيل لنشر العروبة بين سائر أرجاء تلك الدولة، إذ اضطر الناس إلى تعلم اللغة العربية من أجل تسهيل التعامل مع رجال إدارتها الجدد من العرب، وضمانًا للحصول على حقوقهم، وصيانة مستحقاتهم أيضًا، وكانت هذه الظاهرة الخاصة بتعريب دواوين الخراج هي التي جعلت الذهن ينصرف عن أهميتها في النواحي المالية، إلى تتبع آثارها في ميدان الحضارة العربية الإسلامية.
وتنهض هذه الظاهرة دليلًا رائعًا في نفس الوقت على أن النظام المالي ليس نظامًا جافًّا، على نحو ما حاولت الدراسات النظرية الحديثة بتر معالمه، وإنما هو عضو فعال في بناء الدولة العربية الإسلامية، يتداعى مع سائر الأعضاء الأخرى للنظم الإسلامية، من أجل السهر على سلامة المجتمع الإسلامي وحمايته.
العملة العربية الجديدة:
واقترن بتعريب دواوين الخراج سك عملة جديدة من أجل دعم النظام المالي للدولة، وضبط المعاملات المالية بين الولايات، وتحقيق العدالة في