اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي الجزء : 1 صفحة : 224
المبحث السابع
الشورى ومدى إلزاميتها
إنه مما لا شك فيه أن الشورى واحدة من المبادئ التي يقوم عليها نظام الحكم, أمر بها الشارع سبحانه وتعالى لتكون أداة لتقويم الفكر وتدعيم الرأي ووحدة الصف واحترام العقل الذي زود الله به الإنسان وفضله على كثير مما خلق من خلقه تفضيلاً، والشورى يمكن أن تتوحد بها الصفوف فتتوحد الأمة حتى تكون كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضاً, فهي التي تجسد مبدء الأخوة الإيمانية التي هي جزء من عقيدة الإنسان المسلم الذي جاءت من عند الله وليست أمراً يقره أحد أو يرفضه، وإنما جاءت الشورى من السماء بأمر من عند الله (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)، (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) فهي بلا شك تجسد مبدء الأخوة الإنسانية وتحافظ على رابطة الأخوة الإيمانية, وقد أمر الله بالأخوة عباده المؤمنين بقوله (إنما المؤمنون إخوة) [1] , وقوله جلت قدرته في سورة الأنبياء (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [2] , فالأخوة الإيمانية هي رابطة عقائدية يترتب عليها حقوق وواجبات؛ فلا يمكن أن تؤخذ الأخوة في الله معزولة عن سائر الوشائج والروابط والعلاقات وسائر الأحكام والقواعد والأسس في منهاج الله؛ ولكنها تؤخذ على تناسقها كاملة تامة، والله جل وعلا دعا المؤمنين إلى التعاون والتناصح والتآزر. قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [3] , وقال: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [4] , وقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [5]. [1] - الآية 10 من سورة الحجرات. [2] - الآية 92 من سورة الأنبياء. [3] - الآية 2 من سورة المائدة. [4] - الآية 104 من سورة آل عمران. [5] - الآية 71 من سورة التوبة.
اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي الجزء : 1 صفحة : 224