responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 21
إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) [1] وهكذا نجد فرعون قد ادعى الألوهية وتنكر لموسى عليه السلام وافتخر بعزة السلطان والملك الواسع فقال مباهياً مفتخراً (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي) [2] فكان من عاقبة استبداده إغراقه وجنوده في البحر (فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً) [3] وآل الملك العظيم لغيره (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) [4].
وهناك أمثلة كثيرة حكاها الله في أخذ المستبدين كقصة النمرود وغيره, ولقد جاء الإسلام فأراد هدم الاستبداد السياسي من أساسه, فها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (عرض علي أول ثلاثة يدخلون النار: أمير مسلط وذو ثروة من مال لا يؤدي حق الله فيه وفقير فخور) [5] فالأول يمثل الاستبداد السياسي والثاني يمثل الطغيان المالي والثالث وهو الفقير الفخور يمثل خدم النظامين من الاتباع الذين يمشون في ركاب الكبراء والأغنياء المترفين إنهم صعاليك ولكنهم يفخرون بسادتهم الذين التحقوا بهم [6] , ولو ذهبنا نتتبع الشورى في العصور القديمة لاحتجنا إلى مجلدات ولكننا نكتفي بهذه اللمحة لندلل أن الشورى كانت موجودة في الأمم السابقة, وأما الشورى الإسلامية وإن لم تكن ابتكاراً إسلامياً فهي أمر يزكيه القرآن ويأمر به كي تكون الشورى سبيلاً إلى معالجة أمور الدنيا وسياستها في ما لا نص فيه, سواء في نطاق الأسرة أو المجتمع, بين الحاكم والمحكومين وبين الناس بعضهم مع بعض, ولقد عرض القرآن الكريم لمعنى الشورى محبذاً أسلوبها ومزكياً نمط الحكم الملتزم بها, فكانت الشورى هي المصطلح الذي أوجز أغلب مفكري الأمة الإسلامية تحته فلسفة الحكم كما رآها الإسلام وارتضاها المسلمون منذ ظهور الإسلام وقيام الدولة العربية الأولى ومنذ نشأة التيارات الفكرية السياسية الإسلامية, وإلى فلسفة الشورى انحازت كذلك السنة النبوية فعبرت الأحاديث النبوية عن تحبيذها وامتداحها كما سيأتي بيان ذلك.

[1] - سورة الشعراء 23 - 28.
[2] - سورة الزخرف 51.
[3] - سورة الإسراء 103.
[4] - سورة الدخان 25 - 29.
[5] - صحيح ابن حبان تأليف العلامة المحدث محمد بن حبان احمد, أبو حاتم التميمي البستي المتوفى سنة 354هـ حديث (7481) الناشر مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الثانية 1414هـ1993م , وابن خزيمة في صحيحيه عن أبي هريرة رضي الله عنه حديث (2249).
[6] - انظر الإسلام والاستبداد السياسي للشيخ العلامة محمد الغزالي ص 63 الطبعة الأولى دار الكتاب العربي القاهر1998م, والأستاذ الدكتور العلامة وهبة الزحيلي في حق الحرية في العالم ص 177, الطبعة الأولى محرم 1421هـ نيسان إبريل2000م.
اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست