اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي الجزء : 1 صفحة : 199
وقال الماوردي: أنه إذا عزم على المشاورة ارتاد لها من أهلها من قد استكملت فيه خمس خصال: إحداهن عقل كامل مع تجربة سالفة؛ فإنه بكثرة التجارب تصح الروية، والخصلة الثانية: أن يكون ذا دين وتقى فإن ذلك عماد كل صلاح وباب كل نجاح؛ ومن غلب عليه الدين فهو مؤمن السريرة موفق العزيمة، والخصلة الثالثة: أن يكون ناصحاً ودوداً فالنصح والمودة يصدقان الفكرة ويمحضان الرأي؛ وقد قال بعض العلماء لا تشاور إلا الحازم غير الحسود واللبيب غير الحقود، والخصلة الرابعة: أن يكون سليم الفكر من هِمٍّ قاطع وغمٍّ شاغل فإن من عارضت فكره شوائب الهموم لا يسلم له رأي ولا يستقيم له خاطر وقد قيل في منثور الحكم كل شيء يحتاج إلى العقل والعقل يحتاج إلى التجارب، والخصلة الخامسة: أن لا يكون له في الأمر المستشار فيه غرض يتابعه ولا هوى يساعده فإن الأغراض جاذبة والهوى صاد، والرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد، فإذا استكملت هذه الخصال الخمس في رجل كان أهلاً للمشورة ومعدناً للرأي فلا تعدل عن استشارته اعتماداً على ما تتوهمه من فضل رأيك وثقة بما تستشعره من صحة رؤيتك، فإن رأي غير ذي الحاجة أسلم وهو من الصواب أقرب لخلوص الفكر وخلو الخاطر وارتفاع الشهوة [1]. وذكر الماوردي في الأحكام السلطانية: أن الشروط المعتبرة فيمن يصلح جعله من أهل الإختيار أحدها: العدالة الجامعة لشروطها. الثاني: العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيه، والثالث: الرأي والحكمة والمؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح وبتدبير المصالح أقوم وأعرف. (2)
وقد ذكر الدكتور حسن ضياء الدين محمد: أنه لعل أوفى وأقدم المباحث في صفة أهل الشورى ما دبَّجة العلامة الماوردي, فإنه تحدث عن الشورى فأشاد بعظيم أهميتها لكل ذي عقل وإيمان، ثم أورد مقتبساً من كلامه في الصفات التي أوردها الماوردي في أدب الدنيا والدين، وهي إشادة في محلها. [1] - أدب الدنيا والدين لأبي الحسن محمد بن حبيب الماوردي ص 260، 263 بتصرف. طبعة دار الكتب العلمية - بيروت.
(2) - الأحكام السلطانية - مصدر سابق ص 4.
اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي الجزء : 1 صفحة : 199