responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 75
الخادمان وَقَالا لم يَأْتِ أحد متظلما غير ان حمارا ضَعِيفا خرما أجرب مر بمدخل الْقصر وَلما لامس ظَهره السلسلة راقه ذَلِك فَأخذ لجربه يحكه بهَا فَقَالَ أنوشروان أَيهَا الأحمقان مَا أجهلكما لَيْسَ الْأَمر فِيمَا تظنان إِن تنعما النّظر يَتَّضِح لَكمَا أَن هَذَا الْحمار أَيْضا جَاءَ يطْلب عدلا أريدكما أَن تسوقاه إِلَى وسط الْمَدِينَة وتسألا النَّاس عَن أمره ثمَّ تعودا إِلَيّ بِالْحَقِيقَةِ
فَانْصَرف الخادمان وذهبا بالحمار إِلَى السُّوق فِي وسط الْمَدِينَة وطفقا يسألان النَّاس أفيكم من يعرف هَذَا الْحمار فَكَانَ جوابهم جَمِيعًا أَي وَالله قلَّة هم الَّذين لَا يعرفونه قَالَ الخادمان مَا تعرفُون عَنهُ قُولُوا فَقَالُوا إِن صَاحبه فلَان الغسال ومنذ حوالي عشْرين سنة وَنحن نرَاهُ ينْقل عَلَيْهِ ملابس النَّاس إِلَى مغسله يوميا وَيعود بهَا مسَاء كَانَ يعلفه فِي صغره إِلَى الْوَقْت الَّذِي يُؤَدِّي فِيهِ عمله لكنه بعد أَن هرم وَعجز عَن الْعَمَل أطلقهُ على رَأسه وطرده من بَيته فِيمَا تريان والان تمر سنة على طرده وتجوله فِي الحارات والأزقة والأسواق وَالنَّاس يقدمُونَ لَهُ الْعلف وَالْمَاء والعشب ابْتِغَاء ثَوَاب الله تَعَالَى وَيُقَال إِنَّه هام على وَجهه مُنْذُ يَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ لم يجد علفا وَمَاء
وَلما كَانَت أَقْوَال النَّاس وَاحِدَة عَاد الخادمان بِسُرْعَة واخبرا الْملك أنوشروان فَقَالَ ألم أقل لَكمَا إِن هَذَا الْحمار جَاءَ يطْلب عدلا أَيْضا اعتنيا بِهِ اللَّيْلَة جيدا وَعلي بالغسال وَأَرْبَعَة من كيار محلته وَالْحمار غَدا لأقضي بالعقاب الْمُنَاسب
وَفِي الْيَوْم التَّالِي نفذ الخادمان الْأَمر فاحضرا الْحمار والغسال ورجالا أَرْبَعَة إِلَى أنوشران إبان انْعِقَاد الْمجْلس فَقَالَ أنوشروان للغسال لما كَانَ هَذَا الْحمار صَغِيرا يُؤَدِّي لَك أعمالك كنت تقدم لَهُ الْعلف وتعتني بِهِ وَلما أضحى هرما لَا طَاقَة لَهُ على الْعَمَل فبدلا من تَنْفِيذ الْوَاجِب الَّذِي يقْضِي عَلَيْك بِتَقْدِيم الْعلف إِلَيْهِ جعلت تطلقه وتخرجه من مَأْوَاه أَيْن هُوَ حق أتعابه وَعَمله عشْرين سنة وَأمر بضربه أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَقَالَ أريدك مَا دَامَ الْحمار حَيا أَن تقدم لَهُ على مرأى من هَؤُلَاءِ الرِّجَال الْأَرْبَعَة مَا يسْتَطع أكله من التِّبْن وَالشعِير وَالْمَاء كل يَوْم وَلَيْلَة وَإِن بَلغنِي عَنْك أَي تَقْصِير فِي هَذَا فسامر بعقابك عقَابا أَشد

اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست