responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 60
نَحوه فَلَمَّا دنا من الْمَكَان وَرَأى قطيعا هاجعا من الْغنم وخيمة مَضْرُوبَة وكلبا مُعَلّقا تملكه الْعجب واقترب من الْخَيْمَة فَخرج مِنْهَا رجل سلم عَلَيْهِ وحياه وأنزله من على فرسه وَقدم إِلَيْهِ مَا كَانَ يحضرهُ من طَعَام دون أَن يعرف أَنه بهْرَام فَقَالَ بهْرَام أَخْبرنِي عَن أَمر هَذَا الْكَلْب قبل أَن أتناول الطَّعَام لاكون على بَيِّنَة مِنْهُ فَقَالَ الشَّاب كَانَ هَذَا الْكَلْب أميني على غنمي وَكنت اعْلَم أَنه يَسْتَطِيع لقدرته أَن يصاول عشرَة رجال ويتغلب عَلَيْهِم وَأَن أَي ذِئْب لم يكن يَجْرُؤ أَن يحوم حول القطيع خوفًا مِنْهُ حَتَّى إِنَّنِي كنت أذهب إِلَى الْمَدِينَة مَرَّات عديدة فِي شغل لي وأعود فِي الْيَوْم التَّالِي وَكَانَ هُوَ يرْعَى الْغنم وَيعود بهَا سَالِمَة وَمَضَت على هَذِه الْحَال مُدَّة فَلَمَّا عددت الْغنم يَوْمًا وَجدتهَا نَاقِصَة ثمَّ تبين لي أَن عَددهَا أَخذ يتناقص تدريجيا كل عدَّة أَيَّام وَلم أستطع أَن أفهم عِلّة هَذَا مَعَ أَنه لَا وجود للصوص هُنَا لقد وصلت الْحَال بالقطيع فِي تناقصه إِلَى حد أَن عَامل الضرائب جَاءَنِي وَأَرَادَ مِثْلَمَا هِيَ الْعَادة ضَرَائِب القطيع كُله فَدفعت كل مَا تبقى مِنْهُ ضَرَائِب والان أَنا رَاع لذَلِك الْعَامِل مَا حدث أَن الْكَلْب صَادِق ذئبة ثمَّ تزَوجهَا وَكنت فِي غَفلَة من أمره
وَذَات يَوْم خرجت للاحتطاب وسلكت فِي عودتي طَرِيقا خلف مُرْتَفع كَانَ يطلّ على القطيع فرأيته يرْعَى وَإِذا بذئبة تعدو نَحوه حِينَئِذٍ اختفيت خلف أجمة شوك فَلَمَّا رأى الْكَلْب الذِّئْب هرع إِلَيْهَا وهز ذَنبه فوقفت فِي هدوء ووثب على ظهرهها وَقضى مِنْهَا وطره ثمَّ انتحى جانبا ونام فِي حِين راحت هِيَ تصول وتجول فِي الْغنم فقبضت على شَاة وافترستها دون أَن ينبح الْكَلْب أَو يُبْدِي حراكا لما رَأَيْت موقفه من الذئبة أدْركْت أَن مصدر بلائي لم يكن سوى تواطؤ الْكَلْب وانحرافه فقبضت عَلَيْهِ وعلقته بخيانته
عجب بهْرَام جور لهَذَا الحَدِيث وَقطع طَرِيق عودته يفكر فِي الْأَمر فَانْتهى بِهِ تفكيره الى أَن رعيتنا هِيَ قطيعنا ووزيرنا هُوَ أميننا انني لأرى أُمُور المملكة فِي اضْطِرَاب وأحوال الرّعية فِي اختلال وانني كلما أسأَل أحدا لَا يصدقني القَوْل ويخفي عني الْحَقِيقَة والحل أَن أحقق فِي أَحْوَال الرّعية وراست روشن
وَلما عَاد إِلَى مقره كَانَ أول مَا فعله أَن طلب لوائح المسجونين اليومية فَكَانَت كلهَا من فجائع راست روشن وجرائمه فأيقن آنذاك أَن الرجل لم يسس النَّاس بِالْحَقِّ بل سامهم ظلما وخسفا ثمَّ قَالَ
هُوَ لَيْسَ راست روشن انه كذب وظلمة وَقَالَ مستشهدا بِأحد الْأَمْثَال

اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست