responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 230
جلده فَرحا وَأخذت الْمَرْأَة تزداد جمالا وحسنا يَوْمًا بعد يَوْم لقد بلغ حسنها فِي أُسْبُوع وَاحِد حدا بهرت فِيهِ الناظرين إِذْ لم يسْتَطع أَي نَاظر إِلَيْهَا أَن يديم فِيهَا النّظر لقد كَانَت أحسن ألف مرّة من الشَّمْس وَالْقَمَر وأجمل من الْحور والملائك وألطف وشاع خبر جمَالهَا فِي الْعَالم فَأخذت النِّسَاء تفد من المدن والأرياف والأماكن النائية لرؤيتها وتتناقل أَخْبَارهَا بتعجب شَدِيد
وَذَات يَوْم نظرت الْمَرْأَة إِلَى نَفسهَا فِي المراة وَرَأَتْ مَا هِيَ عَلَيْهِ من جمال تَامّ وراحت تسرح النّظر فِي تَصْوِير وَجههَا وشعرها وشفتيها واسنانها وعينيها وحاجبيها فانتابها عجب وكبرياء وطغت عَلَيْهَا نوبَة من غرور وَقَالَت أَنى بمثلي الْيَوْم فِي الْعَالم كُله وَمن ذَا الَّذِي لَهُ مَا لي من حسن وجمال مَاذَا ينقصني حَتَّى أكون لهَذَا الرجل الَّذِي لَا يَأْكُل سوى خبز الشّعير حَتَّى هَذَا الْخبز لَا يشْبع مِنْهُ شبعا كَامِلا وَالَّذِي لَا يلوي من نعم الدُّنْيَا على شَيْء بل يقْضِي الْعُمر فِي شغف وضنك إِنَّنِي بملوك الأَرْض وأكاسرتها أليق فهم سيأخذونني مزينة بِالذَّهَب إِذا مَا رأوني
ودب الهوس فِي نفس الْمَرْأَة وَأخذت تلعب برأسها التمنيات فشرعت فِي العناد والعصيان واللجاجة والمشاجرة والنزاع وَسقط الْكَلَام وبذيئه وَسُوء التَّصَرُّف وشرعت تردد على مسامع زَوجهَا فِي كل ان أَنى لي أَن أكون لَك وَأَنت لَا تَجِد مَا يشبعك من خبز الشّعير
لقد كَانَ لَهَا من يُوسُف ثَلَاثَة أَو اربعة أَطْفَال عزفت عَن الاعتناء بهم وانصرفت عَن غسلهم وإطعامهم وتنويمهم وَوصل عدم التوافق والتفاهم بَينهمَا حدا خيم فِيهِ الضجر والملل على يُوسُف وأضحى حيران عَاجِزا جدا لَا حول لَهُ وَلَا قُوَّة لكنه اتجه صوب السَّمَاء وَقَالَ يَا رب صير هَذِه الْمَرْأَة دبة فَاسْتَجَاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ وصيرها دبة فِي الْحَال نكالا بهَا وَلم يعد لَهَا من شغل يومي وَالْمَاء يسيل من عينيها سوى الطّواف حول الْبَيْت وَعدم الأبتعاد عَنهُ أما يُوسُف فقد أضنته تربية الْأَطْفَال الصغار والعناية بهم وغسلهم وإطعامهم وتنويمهم وتخلف فِي طَاعَة الله عز وَجل وعبادته إِيَّاه فَلم يعد يُؤَدِّي حَتَّى الصَّلَاة فِي أَوْقَاتهَا وأعيته الْحِيلَة وَالْعجز فاتجه إِلَى السَّمَاء مُضْطَرّا وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ يَا رب أعد هَذِه الدبة امراة كَمَا كَانَت وألهمها الْهِدَايَة بِأَن تعتني بتربية هَؤُلَاءِ

اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست