responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 179
هَذَا الْفَتى انْظُرُوا كَيفَ ان سيماه وملامحه تشهد لَهُ وَفِي حِين كَانَ الْفَتى ينصت مصغيا قَالَ أحدهم أَيهَا الْأَمِير إِنَّه هُوَ نَفسه مقرّ بجرمه فصاح بِهِ الْأَمِير اخرس فَمن ذَا الَّذِي يَسْأَلك أَلا تخَاف الله اتحمل نَفسك وزر دم فَتى مُسلم عَبَثا إِن هَذَا الْفَتى أَعقل من أَن يفعل أَو يَقُول شَيْئا يكون فِيهِ هَلَاكه وحتفه وَكَانَ هدف الْأَمِير من ذَلِك أَن يُنكر الْفَتى أَقْوَاله ويتراجع عَنْهَا
ثمَّ الْتفت الْأَمِير نَحْو الْفَتى مَا تَقول قَالَ الْفَتى لقد شَاءَ قَضَاء الله وَقدره أَن يتم الْأَمر على يَدي خطأ إِن بعد هَذِه الدَّار دَار أُخْرَى لَا طَاقَة لي فِيهَا على عَذَاب الله عز وَجل نفذ حكم الله فِي غير أَن أَمِير الحرس تصامم والتقت نَحْو النَّاس وَقَالَ إِنَّنِي لَا أسمع مَا يَقُول أيقر هُوَ أم لَا قَالُوا أجل انه يعْتَرف قَالَ الْأَمِير يَا بني لَا تبدو عَلَيْك سِيمَا الْمُجْرمين فلربما أَن خصما لَك مِمَّن يَبْغُونَ هلاكك حملك على أَن تَقول هَذَا فكر جيدا قَالَ الْفَتى أَيهَا الْأَمِير لم يحملني على هَذَا أحد إِنَّنِي مذنب فنفذ حكم الله فِي لما أَيقَن أَمِير الحرس ان الْفَتى لن يتراجع عَن قَوْله وَأَن لَا جدوى لتلقينه إِيَّاه وَإنَّهُ إِنَّمَا يعرض نَفسه للْمَوْت قَالَ لَهُ أَحَق مَا تَقول قَالَ أجل قَالَ الْأَمِير أأنفذ فِيك حكم الله قَالَ نفذه والتفت الْأَمِير إِلَى النَّاس وَقَالَ أَرَأَيْتُم فِي حَيَاتكُم فَتى يخَاف الله مُسلما بَصيرًا بالعواقب من مثل هَذَا الْفَتى إِنَّنِي لم أر قطّ ان نور السَّعَادَة وَالْإِسْلَام وإمارات الْأَصَالَة تشع مِنْهُ مِثْلَمَا ينبعث الضياء من الشَّمْس إِنَّه يعْتَرف خوفًا من الله وَيعلم أَنه يجب أَن يَمُوت إِنَّه يرغب فِي أَن يمْضِي إِلَى الله عز وَجل نقيا شَهِيدا فَلم يبْق بَينه وَبَين الْجنَّة حَيْثُ الْحور والقصور إِلَّا خطوَات هَؤُلَاءِ هم أهل السَّعَادَة وَالْمَغْفِرَة وَالْجنَّة ثمَّ قَالَ للفتى اذْهَبْ واغتسل ثمَّ عد وصل رَكْعَتَيْنِ وسل الله عز وَجل وَتب إِلَيْهِ وَاسْتَغْفرهُ كي أنفذ فِيك حكمه وقضاءه فَذهب الْفَتى واغتسل ثمَّ عَاد وامر الْأَمِير بمصلى فصلى الْفَتى رَكْعَتَيْنِ وَتَابَ إِلَى الله وَاسْتَغْفرهُ ثمَّ عَاد ووقف بَين يَدي الْأَمِير الَّذِي قَالَ كأنني أرى الان أَن هَذَا الْفَتى سيرى الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجنَّة وسيكون مَعَ الشُّهَدَاء من مثل حَمْزَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن وأمثالهم وَهَكَذَا جعل الْأَمِير يُدْلِي بِأَحَادِيث الْمَوْت بِهَذِهِ الْحَلَاوَة والعذوبة فِي قلب الْفَتى حَتَّى حبب إِلَيْهِ الْإِسْرَاع فِي قَتله ثمَّ أَمر بتعريته وتعصيب عَيْنَيْهِ وَهُوَ مَاض فِي أَحَادِيثه عَن الْمَوْت على النَّحْو نَفسه وَجِيء بسياف ماهر سَيْفه هُوَ المَاء فِي صفاءه ووقف على راس الْفَتى دون أَن يشْعر بِهِ وَأَشَارَ الْأَمِير بِعَيْنِه بَغْتَة فَضرب السياف عنق الْفَتى فِي سرعَة خاطفة وَقطع رَأسه بضربة وَاحِدَة

اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست